| بشائر الفضل الإهي في العقيدة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإهي في العقيدة الجمعة فبراير 10, 2012 8:29 pm | |
| بشائر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الإلهى فى العقيدة حكم الإستشهاد بالشعر
إن الحاجة ملحة الآن لتطوير الخطاب الدينى بالبعد عن التخويف والوعيد للمؤمنين وترويح النفوس بالبشريات واللطائف وتحبيب العباد فى ربهم والأخذ بأيديهم إليه بالمحبة والمودة لا بجرهم إليه بالتخويف والترهيب والشدة وإنا إذا استشهدنا بالشعر هنا فى غالب البشريات فإنى أنتهزها فرصة فى تلك المقدمة لكى أورد تحليلاً مختصراً عن أن الإستدلال بالشعر كان معمولًا به أيام النبى والصحابة والتابعين بل وكان الشعر سلاحاً تستخدمه الدعوة الإسلامية كما أحب أن أشير إلى أن الغناء فى عصرنا قد انتشر بين الشباب ذكوراً وإناثاً وذهب بعيداً فى تهييج الغرائز وشغل أوقاتهم وقد انتشرت الأجهزة الحديثة وأدوات الإستماع لها ومشاهدتها مصورة وتخزينها واسترجاعها أو مباشرة على النت ورخص ثمن تلك الأجهزة فصارت الأغانى لهم كالماء والهواء ولذا فإننا ننتهز الفرصة لنحبِّب شبابنا فيما يشدُّ مشاعرهم وعواطفهم الجياشة من كريم الشعر والأناشيد الدينية والأخلاقية أو الطيبة والمهذبة والتى تصلح للكثير من المناسبات ونحن نحاول ما أمكننا أن نبين لهم جمال وسماحة الدين فلا يكون الدين فى نظرهم جافاً منفراً فينصرفون عنه بل هيناً وسهلاً ليناً جذاباً للعقول والقلوب كما جاء به حبيب القلوب فأقول وبالله التوفيق:-
ونبدأ من عند من لاينطق عن الهوى من عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونبدأ بالسؤال الشهير والذى سألته الصحابة لأم المؤمنين عائشة : هل كان رسول الله يتمثُّل (يستدل) بشىء من الشعر؟ قالت (1){كَانَ إذا استراث ( استبطأ) الخبر يَتَمَثَّلُ بِشَعْرِ ابنِ رَوَاحَةَ وَيَقُولُ وَيأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مِنَ لَمْ تُزَوِّدِ } وفى رواية: غير أنه كان يتمثل ويجعل أوله آخره فغالباً كان يقول: ويأتيك من لم تزود بالأخبار فيقول له أبو بكر: ليس هكذا يارسول الله فيقول : أنا لستُ بشاعر وقال مرَّة: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهياً فقال الصديق: إنما قال الشاعر كذا فأعاده كالأول فقال :الصديق: أشهد أنك رسول الله لقول الله(2){وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} وورد أنه قال: وهو على المنبر(3){ما تكلمت العرب بكلمة أصدق من هذا: ألا كل شيء ما خلا الله باطل}ولما سئل عن الشعر كما روت السيدة عائشة أيضاً أجاب(4){الشعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلاَمِ فَحُسْنُهُ كَحُسْنِ الْكَلاَمِ وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلاَمِ} وكان لا يعيب على أصحابه تناشد الشعر كيف ذلك وما الدليل؟ فقد روى عن سيدنا جابر بن سمرة قوله:(5){جالست النبي أكثر من مائة مرة في المسجد يجلس مع أصحابه يتناشدون الشعر وربما تذاكروا أمر الجاهلية فيتبسم النبي معهم} بل وكان يظهر إعجابه إذا سمع ما يرضيه وأحيانا يردِّد شيئاً منه فقد أنشده أعشى بني مازن أبياتاً في ذمِّ قبيح خُلُق النساء آخرها (6)"وهن شرُّ غالب لمن غلب" فجعل يقول "وهن شرُّ غالب لمن غلب" وكان إذا نمى إعجابه بحكمة الشعر وبلاغته فكثيرا ما كان يقول لأصحابه(7){إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ كَالسحْرِ وَإِنَّ مِنَ الشعْرِ كَالْحِكَمِ }وأحياناً كان يستنشدهم الشعر فقد روى سيدنا الشريد أنَّه أردفه خلفه ثم استنشده من شعر أمية بن أبي الصلت فلم يزل النبى يقول له:({هيه}أى زدنى حتى أنشده مائة بيت فقال:{لقد كاد أن يسلم في شعره} وأيضاً لما أتاه سيدنا العلاء الحضرمى استنشده مما يحفظ من الشعر ثم سأله عمَّا معه من القرآن وكذا فعل مع غير واحد ممن يحسنون الشعر ومنهم الخنساء المشهورة كانت تُنشِد رسول الله شعرَها فيعجبُهُ ويقول(9){ هِيهِ يا خُناسُ ويومىءُ بيده} دلالة على الإعجاب بشعرها وهذا لا يخالف ما أجابته السيدة عائشة لما سئلت: هل كان رسول الله يُتَسَامَعُ عِندَهُ الشِّعْرُ؟ قالت:(10){كانَ أَبْغَضَ الحديثِ إِليْه} لأنه كما قال صاحب السيرة الحلبية وكثير من العلماء لأن المراد بالشعر الذي يحبه ما كان مشتملاً على حكمة أو وصف من مكارم الأخلاق والذي يبغضه ما كان مشتملاً على ما فيه هجنة أو هجو ونحوها من المحارم او اللغو فكانوا يؤكدون أن مجالسه لم تكن بمجالس الشعر والشعراء التى اعتادها العرب عند كبرائهم وسادتهم بل وكان يغيِّر لهم بعض الألفاظ إذا كانت لا تليق مثل ما أنشد أبى بن كعب أمامه فى مسجده فلما قال:(11) "نقاتل عن جذمنا كل قحمة"، فصوَّبه النبى قائلاً{لا تقل نقاتل عن جذمنا ولكن نقاتل عن ديننا} لأنها كلمة فيها عصبية وكان ينصح بالشعر أو التغنى به فى مواضع استحبابه فعندما زفَّت البنت الكبرى لأسعد بن زرارة- وكانت بنات سعد قد تربين فى حجر النبى حتى كبرن- من بيته أمرهن أن يغنين لها "أتيناكم .أتيناكم" وسيأتى ذكر الأغنية وكان أيضاً يعاتب عتابا لطيفا على ترك التغنى بالشعر عند الحاجة إليه كما فى الأفراح للنساء فذات مرة سأل زوجته السيدة عائشة عن يتيمة كانت عندها فأخبرته أنهم أهدوها إلى زوجها من الأنصار فقال لها(12){فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا جَارِيَةً تَضْرِبُ بالدُّفِّ وتُغَنِّي؟ قالت: تقول ماذا؟ قال: تقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ / فَحَيُّونَا نُحَيِّكُمْ .. لَوْلاَ الذَّهَبُ اَلاحْمَـرُ / مَا حَلَّتْ بِوَادِيْكُمْ .. لَوْلا الحِنْطَةُ السَّمْرَاءُ / مَا سَمِنَتْ عَذَارِيْكُمْ } وفى رواية زاد {فإن الأنصار قوم فيهم غزلٌ}وكان يأمر من يحسنون الشعر من أصحابه بالرد على من يهجونهم روى عمار بن ياسر أنه قال: لما هجانا المشركون شكونا إلي رسول الله فقال: لهم(13){قولوا لهم كما يقولون لكم} وزاد عمار قائلاً{فإن كنَّا لنعلمه إماءنا بالمدينة } وكلنا يعرف دور حسان بن ثابت شاعر الرسول فى نصرة دين الله والزود عن رسوله وعن أعراضهم وكان يحثُّه ويشجعه ويقول:(14){أهجهم أنت فسيعينك روح القدس} وكان يقول له أيضاً{إذا حارب أصحابي بالسلاح فحارب أنت باللسان} وسأل سيدنا كعب بن مالك رسول الله: ماذا ترى في الشعر؟ فقال:(15){إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل} وكانوا يأتون إليه فينشدون فى الثناء على الله وفى مدحه كما ورد عن الأسود بن سريع قال: قلت لرسول: إني مدحت الله مدحة ومدحتك قال عليه أفضل الصلاة والسلام(16){هات وابدأ بمدحة الله عز وجل} وأما غير النبي من الصحابة والتابعين فكان أكثرهم يتمثلون بالشعر وهذا أمر شائع مشهور والدلائل فيه أكثر من أن تحصى وسنأتى منها بمقتطفات يسيرةكان ابن عباس يحثُّ الناس على تعلم الشعر الجاهلى لقوته وفصاحته ويقول للناس كثيراً وفى مجالس عديدة(17){إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب}و يقول أيضاً{الشعر ديوان العرب وأول علومهم}وكان أبو بكر يقول الشعر وكان عالماً به ومما تمثل به وهو على المنبر لما أراد أن يثبت للأنصار أنه يذكر أفضالهم على إخوانهم المهاجرين تمثل قول الغنوى:(18) جزى اللـه عنا جعفرا حين أزلقت بنا رجلنا في الواطئين وزلت أبو أن يملُّونا ولو أن أمُّنا تلاقي الذي يلقون منَّا لملَّت هم أنزلونا في ظلال بيوتهم ظلال بيوت أدفأت وأكنَّت وأما عمر فقد عرف عنه أنه كان لا ينزل به أمر ألا تمثل فيه بشعر وكثيرا ما كانت أصحابه تنشد أصحابه شعر العظة والحكمة فيسأل من قائله؟وروى عنه أن قوما أتوه وهو أمير للمؤمنين وأخبروه إن إماما لهم شابا إذا صلى لا يقوم من مجلسه حتى يتغنى بقصيدة فقال عمر: فلنذهب إليه فإنا إن دعوناه يظن أنا قد غضضنا أمره فأتوه فقال: بلغني عنك أمر ساءني بلغنى أنك تتغنى قال: فإنها موعظة أعظ بها نفسي قال عمر: قل إن كان كلاما حسنا قلت معك وإن يك قبيحا نهيتك عنه فأنشد الرجل قائلاً: وفؤادي كلما عاتبته عاد في اللذات يبغي نصبي لاأراه الدهر إلا لاهيا في تماديه فقد برح بي يا قرين السوء ماهذا الصبا فني العمر كذا باللعب وشباب بان مني ومضى قبل أن أقضي منه أربي ما أرجي بعده إلا الفنا طبق الشيب على مطلبي ويح نفسي لا أراها أبدا في جميل لا ولا في أدب نفس لا كنت ولاكان الهوى إتقي الله وخافي وارهبي فبكى عمر ثم قال :هكذا فليغنِّ كل من غنى قال عمر وأنا أقول: نفس لا كنت ولا كان الهوى رابضي الموت وخافي وارهبي وكان عمر ينصح الشعراء دائما بعدم التشبيب بالنساء- أى بترك الشعر الذى يهيج الغرائز- و لذا روى ابن عباس عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه قال:(19){تعلموا الشعر فإن فيه محاسن تبتغى ومساوى تتقى وحكمة للحكماء ويدل على مكارم الأخلاق}وعائشة ورد عنها التمثل بالشعر كثيرا وذاعت قصتها قالت(20){كنتُ قاعدةً أَغْزِلُ والنبيُّ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَجَعَلَ جَبِيْنُهُ يعرقُ وَجَعَلَ عَرَقُهُ يتوَّلدُ نوراً فَبُهِتُّ فَنَظَرَ إليَّ رسولُ الله فقالَ: مَا لَكِ يا عائشةُ بُهِتِّ قلتُ: جعَلَ جَبِيْنُكَ يَعْرَقُ وَجَعَلَ عَرَقُكَ يَتَوَلَّدُ نُوراً ولو رَآكَ أبو كبيرٍ الهُذَلِيُّ لَعَلِمَ أَنَّكَ أحقُّ بِشِعْرِهِ قالَ: وما يقولُ أبو كبيرٍ؟ قالتْ: قلتُ: يقول: وُمُبَرَّإٍ مِنْ كُلِّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ // وفَسَادِ مُرْضِعَةٍ ودَاءٍ مُغِيلِ فَإِذَا نَظَرْتَ إلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ// بَرَقَتْ كَبَرْقِ العَارِضِ المُتَهَلِّل قالتْ: فقامَ إليَّ النبيُّ وقَبَّلَ بينَ عَيْنَيَّ وقالَ: جَزَاكِ الله يا عائشةُ عَنِّي خيراً ما سُرِرْتِ مِنِّي كَسُرُورِي مِنْكِ} ومما تمثلت به فاطمة يوم توفي أبوها قولها المشهور : قَدْ كُنْت لِي جَبَلا أَلُوذُ بِظِلِّهِ فِي غَدْوَتِي وَصَبِيحَتِي وَمَسَائِيَا وَالْيَوْمَ أَخْضَعُ لِلذَّلِيلِ وَأَتَّقِي مِنْهُ وَأَطْلُبُ حَاجَتِي مُتَرَاخِيَا وَلَئِنْ بَكَتْ قُمْرِيَّةٌ إلْفًا لَهَا لَيْلا عَلَى فَنَنٍ بَكَيْت صَبَاحِيَا مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَد أَنْ لا يَشَمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا وكما اسلفنا كان الكثير من الصحابة مبرزين فى مجال الشعر فمثلاً الإمام على فقد كان يقول الشعر وروائعه كثيرة ومعروفة وباقية إلى يومنا هذا وهى من الحكم العالية والمحكمة اللغة وكثيرا ما كان يستشهد بالشعر من قوله أو من لغيره وديوانه مشهور وقد أوردنا له الكثير فى الإستدلال فى كتابنا هذا وكذا الإمام الشافعى وأمر ديوانه معروف وحكمه الشعرية قد إنتشرت وعمت واستشهد الناس بها شرقا وغربا ولو أوردنا أن نورد أقلَّ القليل مما تمثل به الصحابة في الأحداث والوقائع وكذلك التابعون وما قاله الصالحون من شعر الحكمة والمديح لاحتجنا مجلدات ولكنا أردنا أن نورد بياناً مختصراً فى مشروعية الإستدلال بالشعر من لدن عهد النبى وتوالى فى عهود الخلفاء والتابعين إلى يومنا هذا كما أحب أن أضيف أن تلك المعانى التى صاحبت شعر الحكمة كانت مبتدأ القصائد والأناشيد والمدائح فيما بعد لأن قالب الشعر أقرب للتاثير والإستظهار والإسترجاع ولذا استخدموه فى تعليم القواعد كألفية بن مالك وغيرها من أحكام تجويد القرآن والشعر يسير على اللسان وفيه باب للإشارة أو الإجمال والإبهام مما قد يحتاجه أصحاب المعانى والأحوال من الرجال من الرموز أو الأقفال وبالطبع فنحن لا يمكننا أن نذكر أونوفى كل من استشهدنا بهم حقهم من التعريف لأن المقام ليس ذلك ولكن يجدر بنا الإشارة هنا أننا قد إستشهدنا فى الكثير من المواضع بشعر الحكمة للكثير من العارفين والصالحين والحكماء يتبع إن شاء الله [1] سنن الترمذي عن عائشة قال أبو عيسَى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ [2] ( وأصل الشطرة: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً)، السيرة الحلبية. [3] كنز العمال، ابن جرير عن أبى هريرة [4] للبخاري في الأدب وللطبراني في الأوسط عن ابن عمروٍ ولأبي يعلى في مسنده عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنهَا جامع المسانيد والمراسيل [5] عن جابر بن سمرة ابن جرير للطبراني في الكبير [6] الوافى بالوفيات السيرة الحلبية وزهور الإكم فى الأمثال والحكم. [7] للبيهقي في السنن عن ابنِ عساكر عن جمعة بنت وابل بن مانيل بن عمر ودوسي عن أبِيهَا اسم الكتاب: جامع المسانيد والمراسيل [8] لأبي يعلى في مسنده وابن جرير وللحاكم في مستدركه [9] الجوهرة في نسب الرسول، وكثير فيره. [10] عن أبي نوفل بن أبي عقرب رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، مجمع الزوائد [11] الجذم: الأصل. والقحمة: هي الورطة والمهلكة، عن ابنة كعب بن مالك كنز العمال. [12] مجمع الزوائد، عن عائشة [13] ابن جرير للحاكم في مستدركه [14]الأول: ابن جرير عن جرير الثانى: الخطيب وابن عساكر عن حسان ابن ثابت. [15] عن كعب بن مالك، ابن جرير. [16] كنز العمال،ابن جرير عن الأسود بن سريع [17] المزهر في علوم اللغة وأنواعها، وأدب الإملاء والإستملاء، وفى لسان العرب على أنه حديث وليس بكذلك لأنه من كلام ابن عباس. [18] عن الحسن، ابن السمعاني في الدلائل، كنز العمال. [19] عن ابن عباس، كنز العمال [20] سنن الكبرى للبيهقي، عن عائشة رضى الله عنها | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإهي في العقيدة السبت فبراير 11, 2012 8:09 pm | |
| رد: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة البشرى الأولى وهى منبع البشريات بشرى:-
"وبشِّر المؤمنين"
وهذه البشرى الأولى:- وهى التى نبعت منها كل البشريات و أسميناها منبع البشريات لأنها البشرى التى أمر الله تعالى حبيبه فيها أن يبشرنا بفضل الله الكبير علينا فقضى عمره الشريف ولم يترك مناسبة فيها البشرى إلا وساقها لنا وعرفنا بها فحببنا فى الله وبشرنا بفضل الله بل ومن سعة فضل الله علينا أنه جعل تبشيرنا على يد حبيبه ومصطفاه ليس أمراً عارضاً مع كمال علمه سبحانه بحبِّه لنا وعطفه علينا بل جعلها وظيفة له يقوم بها بأمر الله ما استطاع لذلك سبيلا فصار تبشير رسول الله لنا من النعم التى أنعم الله علينا بها وأمر حبيبه فى أن يقوم بها للمؤمنين ويوالينا بها كل وقت وحين قال:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً}فكيف يتأتى لنا شكره أو يمكننا أن نجزيه ذرة مما تفضل به علينا وقدمه لنا فاللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وأجزه عنا خير ما جزيت نبياً أو رسولاً عن أمته ومن كل هذا الفضل العظيم الذى فوق التخصيص والتعميم والذى يتعدى حدود الخيال والمفاهيم أتت جميع البشريات من الله العلى العظيم ساقها لنا نبيه الرؤوف الرحيم ونذكر شيئاً من أقوال الصالحين فى البشرى فمنها قول أحدهم: تبسم ثغر الكون عن لؤلؤ الرفد فبشر أخا الإسلام بالرفق والوعد آى القران جاءت بالذكر والرشد وأفراح إكرامات الربِّ ذي المجد ما نطق عن هوىٍ قد جاء بالسعد وبشريات تعالت عن العدِّ والحدِّ وقال الآخر مشجعاً الأمة على نشر البشرى وإبعاد شبح الخوف والترهيب واستمالة الخلق للإسلام وإعادة البهجة إلى أهله فقال: تحيا القلوب بأخبار مبشرةٍ وتنطفىء لو سمتها خوفاً وإرهابا فبشّروا بكتابِ اللـه واجتمعوا مبشِّرين غلِّقوا للخوف أبوابا عسى تعيدوا للإسلامِ بهجتَه ويهنا كلُّ عبد من خوفه ذابا واتلوا من الذكر آيات مُفَرِّحَةً ياقومنا ابشروا إن الربَّ توَّابا وقال أحد الصالحين : أسعد معنى كئيبا منك يا أملى حتى أفوز بلا كد ولا كسب فضلا تمن به من فيض عاطفة يا رحمة الله يا ذا المنهل العذب إنظر إلى مغرم في لوعة وضنىَ أسعده يا سيدي بالود والقرب أنت الرؤوف رحيم والغياث لمن ناداك متوسلا يرجو رضا الرب أحي مُواتي بنظرات تجملنى بحلة النسب العالي إلى الأب لي نسبة وذنوبي لست أحصوها ونسبتي لكمو يا سيدي حسبي يا نعمة الله لي أمل ولا عمل أرجوه إلا عميم العفو من ربي.
البشرى الثانية بشرى تكثير الحسنات وتقليل السيئات:- وتمعنوا فى بشرى الآية وفى سرها يا إخوانى تجدوا عجباً عجاباً فإن الله لم يقل ثواباً ولا أجراً بل قال{فَضْلاً}وهناك فرق بين الثواب والأجر وبين الفضل فالثواب والأجر يكون على حسب الموازين الربانية التى جعلها الله ثواباً وأجراً على الأعمال الصالحة فى الحياة الدنيوية وقد أعطى الله هذه اللائحة للكرام الكاتبين ليسجلوا بها أعمال المؤمنين ويحسبوا عليها حسابات المتقين والعابدين والصالحين لكن الله إدخر لهذه الأمة فوق الثواب والأجر: "الفضل" والفضل من الله لا يعلم مداه إلا الله وأول بشريات موازين الفضل الربانية تلك هى بشرى قوله تعالى{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}فأولها أن لا يظلمنا مثقال ذرة من الخير عملناها مهما تناهت فى صغرها أو دقتها ولو كنت حتى لا تدرى ولا تحس لها بقيمة فهو يعلمها ويجزيك عنها(1){وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السيدة عَائِشَةَ رضى الله عنها أَعْطَتْ سَائِلا حَبَّةَ عِنَبٍ فَأَخَذَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ اسْتِحْقَارًا لَهَا فَقَالَتْ لَهُ زَجْرًا: كَمْ فِي هَذِهِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}فالله يحاسب الأمم السابقة كلها بالعدل أما أمة رسول الله فحسابها بالفضل ولذلك لا يستطيع أحد من السابقين أو اللاحقين أو الملائكة المقربين أن يعرف أو يطلع على عمل أقل رجل من المسلمين لأن عمله الذي تظنه حقيراً تجده عند الله عظيم{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}وتتوالى البشريات فى الآية وتأتى خصوصية أخرى فضلاً من الله لهذه الأمة وعناية{وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}وهذه غاية الأجر ضعفين{وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }وتلك زيادة فى الخصوصية للأمة المحمدية فضلاً من الله لأتباع حبيبه ولذا ورد من فضل الله علينا فى حديثه القدسي أنه قال:{وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً}مع أنه همَّ بسوء وشرٍّ لكن كونه حبس أعضاءه عن فعلها فهو بذلك قد جاهد نفسه ونظير هذا الجهاد يعطيه الله عليه حسنة(2){وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله سَيِّئَةً وَاحِدَةً}ويعفو الله لمن تاب وأناب ورجع إلى الله وذلك لأن الله يأمر الكرام الكاتبين إذا سجلوا السيئة ألا يسارعوا فى تثبيتها بل يكتبوها ويتركوا للعبد الذي فعلها فرصة لعله يرجع إلى الله ويتوب إلى الله فيأمرهم الله بمحوها إذ يقول{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}وقوله(3){فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ }وهذا كله فى ميدان الأجر والثواب الذى هو فوق العقل والحساب أما ميدان الفضل فلا تعلمه الملائكة إن كان الكرام الكاتبين أو أهل عالين أو أهل عليين ولا حتى أهل اللوح المحفوظ وإنما الأمر مفوض إلى رب العالمين وإليه يشير الحديث القدسى:(4){كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَىٰ سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللّهُ : إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ}. (5) فما هذه السبعمائة ضعف؟ وأين تبلغ ؟ إن الله لم يقل سبعمائة أمثالها فلو كان ذلك لفهمنا أنه سبعمائة حسنة ولكن قال سبعمائة ضعف فهل يضاعفها الله سبعمائة مرة أتدرون لو ضوعف شيىء سبعمائة مرة كما يبلغ إحسبوا يا أهل الحساب أى لو ضاعفت رقماً ثم ضاعفته ثانية ثم ثالثة؟ فإنك لو ضاعفت رقما عشر مرات لصار أكبر من أصله ما يزيد عن ألف مرةولو ضاعفته عشرين لصار أكثر من مليون مثل فكم تبلغ مائة مرة فقط وأين تصل السبعمائة إذاً بل والله فوق هذا وأعظم و أعلى هل يتذكر أحدكم قصة الحكيم الذى إخترع لعبة الشطرنج فأراد ملك الصين مكافأته فطلب الحكيم أن يعطيه الملك حبوباً من القمح بمضاعفات مربعات اللعبة وهى أربعة وستون فاغتاظ الملك أنه طلب طلباً حقيراً منه فلما أصرَّ لم يجد الخزنة فى المملكة أعداداً من الحبوب تكفى أن يضاعف الحبة الأولى أربعة وستين مرة فمن الذي يعرف مقدار قيمة هذا الفضل الكبير ؟ أو من يستطيع أن يعرف جزاء الصوم مثلاً ؟من يستطيع معرفة حدود تلك البشرى لا يستطيع أحد معرفته من الأولين والآخرين ولا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ولا حتى المقربين وذلك لأن الله نسب الفضل لذاته ثم عظَّم الفضل فأين يبلغ ما عظم الله لا أحدُ يعرف أبدا قال فى سورة الجمعة{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} وقد قال الشيخ/ أحمد بن على بن مشرف : وصيح بكل العالمين فاحضروا وقيل قفوهم للحساب ليسئلوا فذلك يوم لا تحد كروبه بوصف فان الأمر أدهى و أهول يحاسب فيه المرء عن كل سعيه وكل يجازي بالذي كان يعمل وتوزن أعمال العباد جميعها وقد فاز من ميزان تقواه يثقل وفي الحسنات الأجر يلقى مضاعفاً وبالمثل تجزي السيئات وتعدل ولا يدرك الغفران من مات مشركاً وأعمالـه مردودةٌ ليس تقبل ويغفر غير الشرك ربي لمن يشاء وحسن الرجا والظن في اللَه أجمل وان جنان الخلد تبقى ومن بها مقيماً على طول المدى ليس يرحل أعدَّت لمن يخشى الإلـه ويتقي ومات على التوحيد فهو مهلل وينظر من فيها إلى وجه ربه بذا نطق الوحي المبين المنزل. وقال أحد الصالحين فى دعائه لمولاه فى هذا الباب والرحاب:- بخضوع من فضله بإعتقاد إسأل الله ضارعاً يا فؤادي والرضا والجمال عين مرادي يا ملبي الداعي سألتك ربي لي تجل بواسع الإمداد باسمك الأعظم العلي تعالى من جمال العطا وخير الأيادي نجحن مقصدي أعني بودٍّ بجمال الوهاب والجواد أنت ربى وأنت حسبي تعطف أعطني فوق مقصدي ومرادي قابل التوب غافر الذنب ربي بجمال الحسنات هب لي رشادي بدلن كل سيآتي إلهي وبفضل الولي والإمداد جملن ظاهري بعز عزيز وبحب بكامل الإعتقاد جملن باطني بحق يقين وضياء الهدى لهم بالوداد واجعلني كنز الغنى للأحبا وصلاة على الحبيب الهادي نجح القصد أعطني السؤل ربي . البشرى الثالثة:- بشرى مضاعفة الأعمال بالنيات و بشريات إخلاص النيَّة وصلاح الطوية وهذه بشرى خاصة أسوقها لتتيقظ قلوبنا ولا يكون تسارعنا للعمل عند نصب أوكازيون العمل فى رمضان فقط فإذا انفضَّ سوق رمضان حدث التراخى والتكاسل عن عبادة الله وطاعته بعدها كما يحدث للكثير من أهل الإيمان هذه البشرى ليعلم الجميع أن أوكازيون المغفرة والرحمة الإلهية لا يغلق أبوابه بنهاية رمضان فإنهم لا يعلمون أن فضل الله الذى لا يعد ولا يحد مع المؤمنين فى كل وقت وحين كيف ذلك؟ إن الله جعل كل أعمال المؤمنين إذا سبقتها نية صالحة فيها إخلاص لربِّ العالمين وتابع فيها المرء النبى الأمين فى عمله وحركاته وسكناته لها أجر لا يعد ولا يحدّ يكفى أن نشير إلى بعض الآيات فى ذلك لتعلم يقيناً أن كل شئ تعمله إن كان لنفسك أو لزوجك أو لولدك أو لجيرانك أو لأقاربك أو فى عملك أو فى أى زمان ومكان سبقته نية صالحة وتابعت فى أداءه هدى الحبيب فهذا الأمر يقول فيه الله{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}تأكد واعلم علم اليقين أن عملك لن يضيع، فكيف يتعامل الله مع هذا العمل؟ بيَّن ذلك فقال كما اسلفنا وأوردنا آية النساء{وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}وهنا أخبركم بسر عظيم وبشرى هائلة يا إخوانى الأحباب إنَّ أى حسنة ينالها المسلم يكرمه مولاه تعالى فيضاعفها أضعافاً مضاعفة إلى يوم القيامة تظل يضاعفها الله إلى يوم الدين إن شاء الله فتجد الحسنة القليلة جبالاً من الأجر والثواب رباها وغذاها وكبرها لك الله جل فى علاه كما أخبر{إنَّ اللَّهَ لَيُربِّي لاًّحَدِكُمُ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ}.
[6]إذا جاهد المؤمن لتصحيح النيَّة - ولا يتم تصحيح النيَّة إلا بعد صفاء الطوية وتطهير القلب بالكلية لربِّ البرية ووضع الإخلاص فى كل عمل وفى كل قول وفى كل حركة وفى كل سكنة لمولاه - فتصبح أعماله وأقواله حتى ما كان ظاهره عملٌ دنيوى فله فيها أجر وثواب وقربة عند الله فالنيَّة قبل أى عمل كأن أنوى قبل الطعام مثلاً أن أتقوى به على طاعة الله أو يكون فيه شفاءٌ أو أتعرف فيه وأنظر فيه إلى عناية الله بى ورعايتها لى مثل قوله فى {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً}فإذا نوى الإنسان قبل طعامه فيكون وقت تناول الطعام عبادة لله وإذا فكَّر ليتعرف على نعمة الله عليه كما ذكرنا فى الطعام كان وقت الطعام فتحٌ عليه من علوم الإلهام لأنه سيفكر فى الآية وتأتيه العناية ويرزقه الله بأسرار من هذه الآية فيرى أسرار الله فى الطعام وهو يتناول هذا الطعام حتى النوم فلو نام الإنسان حتى ولو ليستجم فإنه ينوى بذلك التأهب والاستعداد للمداومة على طاعة الله لأن الله يعلم أنى لا أستطيع الدوام على حال واحد فدوام الحال لنا من المحال فتستجم الأعضاء حتى تستعيد النشاط فى طاعة الله وعبادة الله فيكون النوم هنا عبادة وهذا هو الذى يقول فيه سيدنا رسول الله(7){مَنْ نَامَ عَلَى تَسْبِيحٍ أَوْ تَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ أَوْ تَحْمِيدٍ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ نَامَ عَلَى غَفْلَةٍ بُعِثَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَعَودُوا أَنْفُسَكُمْ الذكْرَ عِنْدَ الْنَّوْمِ} فالنيَّة عليها المدار فلو نام وهو ينوى القيام لحزبه من القرآن أو الذكر أو الصلاة فغلبه النوم أو التعب فلم يقم بما نوى حصًّل الأجر بالنيَّة وانعقاد الطوية({مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَينه حَتَّى يصْبَحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ} لو صفَّى الإنسان القلب والجَنان فإن الله سيدبر له النوايا فى صفاء الطوايا فى كل حركة وسكنة لأننا عاجزون عن تدبير هذه النوايا لكن إذا صُفى القلب لله فإن الله يتولاه ويقذف فيه النوايا الطيبة التى ترفعه عند مولاه{إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ}{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}مبصرون للحقيقة التى يريدونها والتى يريدها الله منهم فالنوايا ليست بأن يجلس الإنسان يعدُّها أو يستحضرها ولكن النوايا تحتاج إلى صفاء القلب حتى لا يكون فيه رغبة إلا فى رضا مولاه يُكَسِّر صنم الشهرة فى نفسه ويكسِّر صنم الحظ فى طبعه ويكسِّر أصنام الآمال الكاسدة والفانية مثل تمنى العلو فى الأرض أو الشأن عند الخلق فيمحو كل ذلك ويعتمد على عكاز الصدق فهو الذى يوصله إلى مراد الله مع الصادقين فى كل أحوالهم وأفعالهم وأقوالهم{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}قال الأمير الصنعانى فى إخلاص النية وصلاح الطوية: ما بال أعمالك لا تقبل وما لميزانك لا يثقل أفق أفق قبل حلول الثرى غفلت عمن عنك لا يغفل أخلص لـه النية في كل ما تقول أو تترك أو تفعل وجانب الدنيا ولذاتها فإنها السم الذي يقتل كم هالك في حبها تالف يمشي عليها وهو لا يعقل جاوزتها خمسين عاماً فما ترجوه في العمر الذي يقبل إن كان أعمالك فيما مضى في كفة الميزان لا يثقل فما الذي ترجوه من بعد ذا ليس سوى من ستره مسبل رب البرايا من غدا فضلـه عن كل من أوجده يفضل يا رب في دار الفنا رحمة فهي لمن فيها غدت تشمل وقال أحد الصالحين فى بشرى مضاعفة الأعمال بالنية إذ هو فى مصر والحجيج بعرفات وبنيته يرجو الله أن يكرم معهم بواسع الإحسان: قفي روحي يوم الحج وقفة ولهان ويا قلب فاضرع ثم للحنان أنا العبد أرجو الفضل والقرب والرضا إغاثة مضطر إجابة حيران بتوفيقك اللهم سارع من دُعُوا إلى البيت في شوق إلى الرحمن وها أنا في مصر وقلبي معلق بأستار بيت الله والأركان وفي (إنما الأعمال) صححت نيتي أيا رب أكرمني بواسع إحسان أيا رب هذي ليلة الوقفة التي بها وقف الأفراد كل زمان سألت أغثني يا إلهي ونجني من النفس والأعداء والشيطان أيا رب أولادي وكل أحبتي أيا رب جملنا بأنوار قرآن ووسع لنا الأرزاق يا رب واهدنا صراطك وامنحنا شهود عيان البشرى الرابعة:- باب الرزق فى السماء وهى بشرى الرزق من السماء وهى تلك البشرى التى بسرها خاطب الله تعالى أحبابه من أهل الإيمان كاشفا لهم الستر عن تلك البشارة العظيمة من بشريات الرحمن وهو أول ما ينشغل به بنو الإنسان فى هذه الأكوان ألا وهى من أين تأتيهم الأرزاق؟فبشرهم الله ورفع عنهم الهموم وقال لهم إياكم أن تكونوا فى الرزق الدنيوي كالأعداء فكل نظرهم طيني وإلى عالم الأرض دنى فقال لأحبابه{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}أى اطلبوا الرزق من السماء كيف ذلك ؟أى اطلبوه بالسمو إلى الله والتقرب إلى الله واتباع شرع الله ومنهج حبيبه ومصطفاه من السعى الحلال فيمنحكم الله رضاه ويسخر لكم كل شئ فى هذه الحياة ألم تسمعوا قول الله{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}فيطلبون الأرزاق من الأبواب التى أباحها الخلاق فيكون فيها للعقول والأبدان الوفاق والإتفاق لأنها جاءت من أبواب إرتضاها المنعم الرزاق فإن عاكستهم الدنيا بصروفها وأنستهم الشدائد بشرى الله لهم بضمان أرزاقها وأبطأ عليهم فتح هذه الأبواب بالحلال حذرهم من فتحها بالمعاصى ذو الجلال فإن غفل الناس وضلوا وطلبوا الأرزاق بالمعاصى وزلُّوا وعن بشرى الله إلتفتوا أو كلُّوا تكالبت عليهم الهموم وتقاذفتهم الأنكاد والغموم ولم يصلوا لمرادهم ولم يزدادوا إلا شقاءاً وعناءاً بل وتقلبوا بما كسبوه فى نار البعد عن الله وصرفها فى الملاهى والمفاسد لأنهم جلبوها بإغضاب الله بالمعاصى وركوب كل دانى وقاصى وقد خاطب الله أهل الإيمان فى موضع آخر بعد أن بشرهم بضمان الرزق والأمان أن البشرى فى كتاب الله موجودة بين أيدينا والشفاء متحقق بإذن الله مما نكابد ونعانى فقال تعالى فى محكم الكتاب{ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}فالأمر مقسوم ومقدور ولم يبق علينا إلا السعى ليظهره الله إلى النور قال الفقيه أبو محمد بن الناظر: سمعت هاتفاً يقول لى فى نومى: نحن قسمنا الأرزاق بين الورى فأدِّب النفس ولا تعترض وسلِّم الأمر لأحكامنا فكل عبد رزقه قد فرض وقال الإمام الشافعى فى قصيدة له بعنوان : توكلت على الله: تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي وَأَيْقَنْتُ أنَّ اللَّهَ لاَ شَكَّ رَازِقي وَمَا يَكُ مِنْ رِزْقِي فَلَيْسَ يَفوتُني وَلَو كَانَ في قَاع البَحَارِ الغَوامِقِ سَيأْتي بِهِ اللَّهُ العظيم بِفَضْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِني اللسَانُ بِنَاطِقِ فَفي أي شيءٍ تَذْهَبُ النَفْسُ حَسْرَةً وَقَدْ قَسَّمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِق وقال ابو تمام الشاعر: تَحُومُ على إِدراكِ ماقد كُفِيتَه وتُقْبِلُ بالآمالِ فيهِ وتُدْبِرُ ورِزْقُكَ لا يَعدوكَ إِمّا مُعَجَّلٌ على حالة يوماً وإِمّا مُؤَخَّرُ ولا حَوْلُ مَحْتال ولا وَجْهُ مَذْهَبٍ ولا قَدَرٌ يُزجيه إِلاَّ المُقَدرُ لقَدْ قَدَّرَ الأَرزاقَ منْ ليسَ عادِلاً عنِ العَدْلِ بينَ النَّاسٍ فيما يُقَدرُ البشرى الخامسة:- بالإستغفار تجرى الخيرات أنهار ثم تأتى البشرى التى فيها حلول لكثير من مشكلاتنا كيف ذلك؟أليس كلنا مشغولٌ بالرزق وهمِّ الرزق؟من شغله همُّ الرزق لنفسه أو لولده أو بنته وكلَّت الحيل وضاقت السبل فأين هو من بشرى الإستغفار مفتاح الخيرات والإدرار وسرِّ منابع الإنهار وهطول الأمطار لزوم الاستغفار لقول الواحد الغفار {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}وقول الحبيب المختار فى سر الإستغفار الذى يفتح الأبواب بالليل وبالنهار(9){مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرجاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً ورَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}والأمر واضح للعيان ولا يحتاج للإكثار من الكلام و لا لتنويع البيان فليس بعد كلام الله الملك الحنان المنان وبيان المصطفى قول ولا بيان ولكننا نورد بعضاً من أقوال السادة الأئمة الأعلام من قول منظوم له مقام: خليليَّ إنّي للشريعة حافظٌ ولكنْ لـها سرٌّ على عينه غطا فَمَنْ لزم الاستغفار واستعمل الذي قد ألزمه الرحمن لم يمشِ في عمى وسخَّر لـه كلَّ الوجودِ خلافة وفجَّر له الخيرات لا أين ولا متى. وقال الآخر مشيراً إلى بشرى الايات الكريمة وبركات الإستغفار العظيمة: إذا أحدنا لم يكسب معاشاً لنفسه شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا وصار على الأدنين كلاً وأوشكت صلات ذوي القربى لـه أن تنكرا فاستغفروا ربكم كما أمر ربنا يرسل السماء وجناتٍ وأنهرا وأموال وأولاد فى نوح ذكرها ووعد الحبيب من الخير أبحرا ومن الضيق مخرجا ومن الهم مفرجا ومن الرزاق أبوابٌ عزَّت فلا تحصرا فكيف ترضى بالدون وقد جعلة فى الإستغفار مخرجاً لمن كان معسرا وقال الشاعر المعروف جميل صدقي الزهاوي أكرمه الله: قلت يا قَوم اِستَغفروا اللَه تنجوا إنه كانَ راحماً غفارا إنه يرسل السماء عليكم مثلما تَبتَغونها مدرارا إنه اللَه يجعل الأرض جنات وَيُجري من تحتها الأنهارا إِنَّه اللَه وحده خلق الناس من الأرض تحتهم أَطوارا إذا أردنا أن يرفع الله عنا عذاب الغلاء وعذاب الأمراض والوباء علينا بالإكثار من الاســتغفار والمداومة على ذلك ليل نهـار هيا بلا أعذار ولا انتظار [1]حاشية البيجرمي على الخطيب، إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين [2] صحيح مسلم عن ابن عباس. [3] صحيح مسلم عن ابن عباس. [4] صحيح مسلم عن أبي هريرة. [5] لأنك لو ضاعفت عدداً عشر مرات فقط لصار 1024 مثلاً ولوضاعفته عشرين مرة لصار 1048576 مثلاً، وإذا ضعفته ستون مرة لصار أكثر من مليون مليار ضعف بكثير ( أى واحد صحيح وعلى يمينه أكثر من ثمانية عشر صفراً)!!! [6] عن عائشة رواه ابن حبان في صحيحه [7] الدَّيلمي عن الْحكم بن عمير، جامع المسانيد والمراسيل. [8] سنن النسائي الكبرى عن أبي الدرداء. [9] رواه إبن عباس فى سنن أبى داوود ، وحلية الأولياء | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإهي في العقيدة الأحد فبراير 12, 2012 10:23 pm | |
| رد: بشائر الفضل الإلهى فى العقيدة البشرى السادسة:-
بالإستغفار تمحق الذنوب والأوزار
إن البشارة التى معنا هنا الآن هى بشارة تهفو إليها النفوس والأرواح ويهون دونها كل التعب والأتراح وهى أمل كل مؤمل فى كل آن وحال ألا وهى مغفرة العزيز المتعال وهى قوله تعالى لنا وبشارته لكل واحد فينا{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}فنحن جماعة المؤمنين لو نظرنا إلى إكرام الله لنا فى تلك الآية الكريمة وفى غيرها من كتابه المبين ما وسِعَنا إلا أن نخر لله ساجدين على عطاءه الذى تفضَّل به علينا أجمعين فقد خلق الله الملائكة وهم أعلى الأصناف فى الطاعات من نور الملكوت وخلق الجن من النار أما نحن فقد خلقنا وسوانا ونفخ فينا من روحه أعطانا أعزَّ ما عنده{وَرُوحٌ مِّنْهُ}جعل فينا روح من حضرته{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}ووسع لنا سبحانه دائرة العفو الإلهى أيما وسعة ونوع وعدَّد أبواب الفضل الربانى وهنا عظمة البشرى ولكى نشم قليلاً من عبيرها أعرض لكم مقارنة واحدة وقيسوا بفهمكم تدركوا تناهى بشرى ربكم وإحسان إلهكم فقد عبد إبليس الله ثنتان وسبعين ألف سنة لم يترك موضع أربع أصابع فى السموات السبع إلا وله فيه سجدة لله وأذنب ذنباً واحداً فقال له الله{قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً}أذنب ذنباً واحداً فطرد وبالمقت باء وأبعد إلى الأبد أما نحن فلما يقنطنا الله من رحمته بل تحنَّن لنا وساق بشرياته إلينا ومنته فهو يغفر لنا الذنوب جميعا وقال أحدهم فى ذلك أبياتٍ محكمة ورصينة: إبليس قد هوى لما عصى ربى بذنب واحدٍ أبى السجود لجدى وأنا عبدٌ ظلومٌ ملأت أرضى وبحرى بقراب الخطايا ويحى انتهى أمرى ناديتنى قل ياعبادى أثلجت صدرى يغفر الذنوب جميعا قد محت وزرى وهو الغفور الرحيم أكدت وصلى محقت آى الزمر كل بعدى وفصلى ولكن هل هناك ما لا يغفر؟ قال الله: شئٌ واحد {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}فإذا أذنب العبد وأحس بوقع الذنب وقال يارب يقول له رب الوجود كما أخبرنا سيد كل مخلوق وموجود{يا ابنَ آدَمَ إنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً} ناهيك بعد ذلك عن فضل المدوامة على الاستغفار فإذا كان الحبيب الذى حفظه الله من الذنوب والأوزار يتوب لله فى الليل والنهار مائة مرة ويقول{يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، كُلَّ يَوْمٍ، مِئَةَ مَرَّةٍ". فَقُلْت لَهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ اثْنَتَانِ أَمْ وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا} فما بالنا وكلنا أوزار نترك الإستغفار وهو بشرى حصن الحفظ من عذاب الجبار {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}وهنا نورد شيئا من أشعار الحكماء ونظم الصالحين أو الأولياء نروح به النفوس ونشوقها إلى رحمة وعفو وشفقة المليك القدوس قال الحكيم التلمساني المنداسي : ربِّ إني ظلمت نَفسي وَنَفسي ظلمتني فصيرتني ذَليلا قد أتى فى القران قولك إلهى لا تقنطوا فجعلت أَرجى القبولا قولك الحق لست تخلف وعدا ولك الملك لا تزال مقيلا أَمن الروع لا تزال كَريما وَأَنا الغمر لا أزال بَخيلا وسأورد فى الإستغفار بعض الأبيات من قصيدة شهيرة من مائة بيت للشيخ/ عبد الغنى النابلسى وله دواوين من قصائد مئوية عديدة قال فى قصيدة أسماها أستغفر الله من سرى ومن علنى: أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَرّي وَمِن عَلَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن نَفسي وَمِن بَدَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن روحي الَّتي نُفِخَت عَن أَمرِ خالِقِها في جِسمي الوَهنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن عَقلي إِذا اِختَلَفَت بِهِ المَعاني وَمِن فَهمي وَمِن فِطَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن فِكري وَما سَرَحَت خَواطِري فيهِ مِن بادٍ وَمُكتَمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا يَقظَتي كَسَبَت وَما عَلَيَّ جَرى في النَومِ وَالوَسَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا باشَرَتهُ يَدي مِن كُلَّ شَيءٍ قَبيحِ الفِعلِ أَو حُسنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن رِجلي وَما بَطَشَت في الخَيرِ وَالشَرُّ تُدَنّيني وَتُبعِدُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد رَأى بَصَري في طولِ عُمري وَمَمّا قَد وَعَت أُذُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد نَطَقَت بِهِ مِن كُلِّ لَفظٍ شَريفٍ في الوَرى وَدَنى أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كَفّي وَما وَضَعَت عَلَيهِ مِن ناعِمٍ في اللَمسِ أَوخَشِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد شَمَمتُ لَهُ مِن الرَوائِحِ في الخَضراءِ وَالدِمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مَمّا ذُقتُهُ بِفَمي مِمّا أَراهُ كَريهاً أَو أَراهُ هَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَخَطي وَمِن غَضَبي وَمِن رِضايَ وَإِشفاقي وَمِن جُبني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن ضيقي وَمِن سِعَتي وَمِن هَزالي وَمِن سَقَمي وَمِن سَمَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن قَولي بِلى وَنَعَم وَلا وَكَيفَ وَيا لَيتي وَهَل وَمِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن هَذا لِما وَبِما قَد كانَ هَذا الأَمرُ بِالخَفا قَمَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِمّا قَد دَرَيتُ وَما لَم أَدرِ مِن خَبَرٍ في الناسِ يَعجِبُني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كُلِّ المَقاصِدِ في دَهري وَمِن أَمَلٍ في الصَدرِ مُحتَقِنِ أَستَغفِرُ اللَهَ ما كانَ في عَمَلي وَما هَممَتُ بِهِ مِنهُ وَلَم يَكُن أَستَغفِرُ اللَهَ مِن كُلِّ الذُنوبِ وَمِن كُلِّ البَلايا وَكُلِّ الشَرِّ وَالفِتَنِ أَستَغفِرُ اللَهَ مِن دَمعٍ بَكَيتُ بِهِ وَمِن دَمٍ كانَ مِنّي سائِلاً وَمِنّي أَستَغفِرُ اللَهَ مِن صَبري وَمِن جَزعي وَمِن غَرامي وَمِن شَوقي وَمِن شَجَني أَستَغفِرُ اللَهَ مِن سَهلٍ عَلَيَّ وَمِن صَعبٍ وَمِن فَرَحٍ عِندي وَمِن حَزَنِ البشرى السابعة:-
التقوى هى مفتاح الرزق الأقوى لما أصبح الناس فى مجتمعنا يشكون مر الشكوى من ضيق الأرزاق وسوء الأخلاق وإنتشار الشقاق والنفاق، فلا قليل يفى ولا كثير يغنى! والغلاء الذى استشرى والأمر من شدة إلى أشد ما العـلاج؟ وأين سبيل النجاة والشفاء؟ العلاج فى آيات فى كتاب الله فيها البشرى والشفاء والنجاة والدواء قال تعالى{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}وقال الرجل الحكيم مبينا فضل التقوى: ألا إنما التقوى باب الرزق و الفخر وترك التقى باب الذل والفقر وليس على عبد تقي نقيصة إذا صحت تقواه فى الجهر والسر ولكننا كأننا نسينا بشرى الله لنا وأخذنا نبحث فى الدنيا حيارى كأعداء الله وقد جعل للخلق طريقين للأرزاق إما طريق أهل الكفر والشرك والجحود والشقاق فهو طريق الكدح والسعي فى الأسباب التى خلقها الله بلا نظر ولا إعتبار لأمر آخر وأما الطريق الثانى فهو طريق أهل الأيمان والتقوى وهو الوارد فى هذه البشرى وشرط نوالها والتمتع بنورها وسرها هو التقوى فإن أهل الإيمان وإن كان لزاما عليهم الأخذ بالأسباب التى خلقها الله إلا أنه تفضَّل عليهم وزادهم من جوده وكرمه وجعل أرزاقهم ليست وقفا على الأسباب وحسب كما عامل أهل الكفر والجحود وإنما جعل طريقـاً للمتقـين وسبيلاً للمؤمنين من وراء الأسباب وهو سبيل البركة التى يفتح الله كنزها من وراء الأسباب فهو يرزقهم بغير حساب الأسباب وأكد ذلك فى الآيات البينات الأخرى التى ساق فيها الأمل والبشرى{إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}فإذا قمنا بالشرط الوارد فى تلك البشرى رزقنا الله بغير حساب وكنا من المتقين الذين ذكرهم الله فى الكتاب؟ فمفتاح التقوى هو السبب الأقوى وتقوى الله أى مراقبة الله والتقى لا يغش فى كيل ولا ميزان ولا ينصب ولا يخدع أحداً من الناس فى أى شأن ولا يكذب ولا يفعل شيئاً يغضب الرحمن ولا يعمل عملاً نهاه عنه النبى العدنان وإنما يصنع الخير الذى أمره الله فى كل وقت وآن و يتحرَّى الصدق فى كل حال وزمان ومكان مع الله ومع جميع خلق الله فى الأكوان وقد ورد فى الأثر الذى أثلج الله به صدور أهل الإيمان من البشر أن الله خاطب عباده فقال فى الخبر{يا بن آدم لا تخش من ضيق الرزق وخزائني ملآنة وخزائني لا تنفذ أبداً يا بن آدم لا تطلب غيري وأنا لك فإن طلبتني وجدتني وإن فتني فتك وفاتك الخير يا بن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب} فإن خاف الله واتقاه فتح الله له باب رزق خفى من عند مولاه فكان رزقه بلا حساب وبارك له فيه فكفاه حتى يعجب الخلق من رزق الله لأهل العقل القليل وذو النهى عاجزون ولذا قال القائل فى الرزق يسوقه الله بغير حساب من وراء الإحتساب: لو كانت الأرزاق مقسومةً بقدر ما يستوجب العبد لكان من يُخْدَمُ مستخدماًّ وغاب نحسٌ وبدا سعد لكنها تجري على سمتها كما يريد الواحد الفرد وكم من أمثلة ساقها الله فى كتابه للرزق من غير حساب كما حدث مع أم السيدة مريم عليها السلام وقد ضرب لنا مثلين فى قصتها وأوردهما باختصار شديد: أما المثل الأول فكانت أمها عاقراً لا تنجب وذات يوم رأت طائراً أعمى فى عش على شجرة ورزقه الله بطائر مبصر يحضر الطعام ثم يضع منقاره فى منقاره حتي ينزل له الطعام فإذا تأكد أنه شبع من الطعام ذهب وملأ فمه بالماء وجاء ووضع منقاره فى منقاره ليشرب منه الماء وهنالك وعندما رأت ذلك أمامها علمت أن لله قدره لا يعجزها فى الأرض ولا فى السموات شئ فدعت الله وقالت كما قال الله{هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء}فلم تذهب إلى طبيب ولم يكن فى عصرها أطفال أنابيب ولكنها دعت الحبيب المجيب فاستجاب الله لها وأصلح أدواتها وأجهزتها وأهَّلها وأخرج منها مريم بقدرة من لا يسأل عما يفعل فهذا المثل الأول للرزق بغير حساب ثم قصة سيدنا زكريا عليه السلام وهى أن زوج أم مريم بعد حملها هو هارون -وهو غير أخى موسى وإنما شبيهٌ فى الإسم- قد توفى فلما وضعتها أنثى وكانت قد نذرت لله إن جاء ذكراً أن تجعله خادماً لله فى بيت المقدس، ولذلك أسمتها مريم أى العابدة فذهبت إلى الكهنة تطلب من يكفلها فأقرعوا فأصابت القرعة زوج خالتها زكريا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فكفلها وتعهدها بالرعاية حتى كبرت وعلمها كيف تعبد الله وجعل لها خلوة فى بيت المقدس تفرغت فيها لطاعة الله وكانت الخلوة مكاناً مرتفعاً لا يبلغه إلا بسلم يضعه وقت صعوده فقط ومعه مفتاح واحد وذات مرة ذهب إليها وفتح فوجد رزقاً ساقه الله من وراء الأسباب فاكهة فى غير أوانها ولا احتساب فعلم أنها قد وصلت إلى التقي الذى إذا وصل إليه عبد تولاه مولاه ورزقه من وراء الأسباب بغير حساب وعندها ماذا فعل؟سأل الله الذرية الصالحة على الفور فاستجاب له ذو العزة والجلال فى التو والحال وهذا هو المثال الثانى على الررزق بغير حساب من لدن المعطى الوهاب والأمثلة لا تنتهى وقال أبو تمام الشاعر المعروف فى قصيدته التى ذهبت أبياتها أمثالاً: ينال الفتى من عيشه وهو جاهلُ ويكدي الفتى في دهره وهو عالمُ ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا هلكنَ إذاً من جهلـهنَّ البهائمُ فلم يجتمع شرقٌ وغربٌ لقاصدٍى ولا المجدُ في كف امرئ والدراهمُ ولم أرَ كالمعروف تدعى حقوقه مغارم في الأقوام وهي مغانمُ
البشرى الثامنة:-
السعى فى طلب الأرزاق باب فتح الرزَّاق وهذه البشرى العظيمة بها حفظ ناموس الحياة وقوانينها وهى السر الذى يرزق الله به كل من قام للدنيا بحسب شئونها وطبق نظامها وببركتها لا يدع الدين مجالاً لأتباعه أن يكسلوا أو يتقاعسوا فقد بشر الله كل من أراد أن يأكل من رزقه أو فضله فقال{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}وقال النبى موجها أصحابه وأحبابه إلى طلب الأرزاق والسعى إليها{الْتَمِسُوا الرزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ} وأمرهم بالسعى مبكراً فى طلب الأرزاق والسعى على المعاش فقال{إذا صليتم الفجر فلا تناموا عن طلب أرزاقكم}فهذه البشرى هى التى تدفع كل مسلم للأخذ بالأسباب التى سنها الله فى الوجود وإلا سنجد فى المسلمين من يجلس ويقول رزقى سيأتينى كما يأتينى أجلى وتتعطل الحياة ويخلد الناس للكسل ولكننا نأخذ بالأسباب وعيننا على خالقها فأنا أشرب الدواء وأعلم علم اليقين أن تأثيره ليس ممن صنعه؟ أو كتبه؟ ولكن من الذي وضع فيه التأثير وخلقه ثم حركه فى داخلى وأذن بالشفاء، وهو الله فهذه البشرى الرائعة من الأهمية بمكان إذ أخطأ الكثير منا فولجوا باب الدعاء تخفق قلوبهم بالرجاء يدعون بالليل و النهار ولكن لا يأخذون بالأسباب التي أمر بها الله عندما أمرنا أن نمشى فى مناكبها أى أعاليها كالجبال فاصعدوا القمم بحثـاً عن أرزاق الواحد المتعال مع الدعاء لحضرته لتفعل الأسباب وانظروا إلى عمر إذ رأى شباباً أشداء يعمرون المسجد ويدعـون فسألهم من أين تأكلون؟ فسكتوا فقال{لا يَقْعُدْ أحدُكمِ عن طَلب الرِّزق ويقول: اللهم ارزُقْني وقد عَلِم أن السَّماءَ لا تُمْطِرُ ذَهَباً ولا فِضة وإنّ الله تعالى إنما يَرْزق الناسَ بعضهم من بعض}وضربهم بدرته وأخرجهم من المسجد ليلتمسوا الأرزاق فالبشرى العظيمة هى فى المنهج القويم والطريق المستقيم لمن أراد أن يمشى على شرع العزيز الحكيم ويحظى فى الدنيا بكل العزة وتكريم أن يمشى كما أمر الله فيأخذ بالأسباب التي أمر بها مولاه ويبذل فيها جهده ولا يدخر وسعاً فيها ويستعين على ذلك بطاعة الله والدعاء لله قال الرجل الصالح رضى الله عنه وأرضاه فى شعر الحكمة: توكل على الرحمن في الأمر كلـه ولا ترغبن في العجز يوماً عن الطلب ألم تر أن اللـه قال لمريم وهزي إليك الجذع يساقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزِّه جنته ولكن كل رزق لـه سبب واستمع لقول إبن أبى الصلت فى حكمة السعى على المعاش بيقين: لا تقعدن بكسر البيت مكتئبا يفنى زمانك بين اليأس والأمل واحتل لنفسك في شيء تعيش به فإن أكثر عيش الناس بالعمل ولا تقل إن رزقي سوف يدركني وإن قعدت فليس الرزق كالأجل وقالوا زوَّج العجز التوانى والكسل فانتجا الحرمان وفقدان الأمل قال أبو المعافى: كأن التكاسل أنكح العجز بنته وساق إليها حين زفت له مهرا فراشاً وطيئاً ثم قال لـه اتكي رويدكما حتماً أن تلدا الفقرا وقال أحد الحكماء فى سر العمل ويشير إلى الأمر بظاهره وباطنه العلم يهتف بالعمل فاعمل تنل كل الأمل بالعلم يخشى الله من كل عليم قد وصل العلم كشف الحجب من سر الحقائق في الأزل علم يقين بعده عين اليقين بلا وجل من بعده حق جلي حق اليقين لمن عقل
البشرى التاسعة:-
بشرى البركة
ولكى نفهم المقصود من تلك البشرى فإننى أقول أننا نقع فى اللبس فى الفارق بين ما صرفه الله لنا من الرزق المسطور وما نريد أن نصرفه من المال المنظور كيف؟لأننا قد نسينا أن الذى يرضى بما قدّره له الله يأتيه دعمٌ من مولاه ما إسمه؟اسمه البركة نعم إسمه البركة وماالبركة عندما تأتى البركة فى القليل تقوم مقام الكثير من أين هذا ؟ فى كتاب الله وفى سنة حبيب الله؟{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}لم يقل فتحنا لهم خيرات فالخيرات كما هى لكن يضع فيها البركة أهذا واضح؟خذوا أمثلة وهى أكثر من أن تعد أو تحصى:إذا كان الأكل فى البيت يكفى إثنين يجعله يكفى عشرة ويزيد طالما فيه البركة وإذا كان الجلباب أو الحُلّة تبلى كل سنة فبالبركة تمكث السنين ولا تبلى ومن يراها يقول مبروك على الثوب الجديد لماذا؟لأن فيها بركة الله ومن عجيب بشرى البركة وهذه تستدعى صفاء الذهن لكى نستوعبها قول الحكيم{من العصمة ألا تجد}فكم زيادةٌ فى الرزق فتحت على العبد باب وسعة دخل منها على عصيان الله فأكلت منه الأخضر واليابس وفتحت عليه وعلى بيته أبواب شهوات ورغبات لا يطيقونها وقد عصموا منها أولاً بفقدان الوسعة وكلكم يعرف قصة الذى نصحه النبى لما طلب الدعاء له بالزيادة : أن قليل تشكر خير من كثير لا تطيق فلم يسمع وأصرَّ فدعا له فزاد ماله ونما وزاد جشعه حتى قال عن الزكاة لما سئل دفعها: إن هى إلا أخت الجزية فأعقبه الله نفاقا فى قلبه إلى يوم لقياه إذاً أفلم يكن الفقد أو ضيق ذات اليد التى كان فيها أولاً له بركة ومنة عليه ومن البركة حجز الأمراض وإبعاد الأعراض فربما أتاك من المال الألاف ومعه مرض بعشرات الألاف فتصير أفقر أفلم يكن المنع أغنى وأبرك وربما فتح لك المال مصاريع المشاريع فوقعت فى أرضها قتيلاً أو صريع فقد المسلمون البركة الآن فأطلقوا أيديهم ليحصلوا مرادهم لمَ؟ لأن ليست معهم بشرى آية سورة الطلاق من قول الله{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } بماذا أو كيف؟هذه هى البركة هل فهمنا هذه البشرى؟كيف تأتى وما أثرها؟إذا فهمنا ذلك أجيبونى إذاً من أغنى الناس؟ من رضى بما قدّره الله له من الحلال وسارع فى طاعة ذى الجلال فأتته البركة التى تُحيّر الناس كلها فى شأنه وهذه معجزة الإسلام المستمرة إلى يوم الدين هؤلاء أغنى الناس ومن عيون أسرار بشرى البركة استجابة الدعاء فيكون الشيىء قليلاً فتدعو الله فيستجيب لك فيكفى القليل أو تنزل النازلة وليس عندك طاقة لصدها ولا لصرفها فتدعو فتكشف وتفوز بالأجر والنجاة معها هدية تجد الناس فى المجتمع دخلهم قليل ولكنهم يعيشون أفضل من أناس دخلهم كثير بل وهم من الجماعة الذين يدخلون الجنة بغير حساب فالذى يراقب الله و يتحرى الحلال فى مطعمه ومشربه ولا يستزيد مما يغضب الله فهو ولى من أولياء الله لأنه من أهل الإستجابة وحلت عليه وفيه البركه سيدنا سعد سأل رسول الله قال : يا رسول الله كيف أكون مستجاب الدعوة ؟ ماذا أفعل ؟ لم يُعطه كماً من العبادات فى الليل أو الصيام فى الحر أو كماً يتلوه من القرآن؟ لا هذا ولا ذاك بل قال له قولاً مباشراَ{يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ } شرط واحد كُلْ حلالاً تكن دعوتك مستجابة هل نريد أكثر من ذلك لحل مشكلاتك وصلاح زوجك وأولادك والبركة فى بيتك وولدك ومالك لا أظن قال الإمام على كرم الله وجهه ورضى عنه: لاَ تَخْضَعَنَّ لِمَخْلَوقٍ عَلى طَمَعٍ فَإِنَّ ذَلِكَ وَهْنٌ مِنْكَ في الدِّيْنِ واسْتَرْزِقِ اللَّهَ مِمَّا في خزائِنِهِ فَإِنَّما الأَمْرُ بَيْنَ الكافِ والنُّونِ إِنَّ الَّذي أَنْتَ تَرْجوهُ وَتَأْمُلُهُ مِنَ البَرِيَّةِ مِسْكِيْنُ ابْنِ مِسْكِيْنِ ما أَحْسَنَ الجُوْدَ في الدُّنُيا وفي الدِّينِ وأَقْبَحَ البُخْلَ فِيْمَنْ صِيْغَ مِنْ طِيْنِ ما أَحْسَنَ الدِّيْنَ والدُّنْيا إذا اجْتَمَعَا لا بَارَكَ اللِه في دُنْيا بِلا دِيْنِ لو كان باللُّبّ يَزْدادُ اللَّبِيْبُ غِنًى لَكانَ كُلُّ لَبيبٍ مِثْلَ قارُونِ لَكِنَّما الرِّزْقُ بالميزانِ مِنْ حِكَمٍ يِعُطَى اللَّبِيْبُ وَيُعْطَى كُلُّ مأْفُونِ[1] سنن الترمذى عن أنس [2] عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أخرجه أحمد: المسند الجامع [3] ورد فى المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي [4] للدارقطني في السنن وفي الأَفراد وللبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة (ابن عساكر ) عن عبد اللَّه بن أبي ربيعة [5] للطبراني في الكبير عن ابن عباس كنز العمال [6] رواه الطبراني فى الصغير عن ابن عباس. [7] رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة الترغيب والترهيب [8]وروى ابن ماجه عن ثوبان قال ورواته ثقات | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق الإثنين فبراير 13, 2012 8:56 pm | |
| (بسم الله الرحمن الرحيم)
بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق البشرى العاشرة:- تقوى المحارم باب المكارم:- وهذه بشرى فيها العجب العجاب لماذا؟ أكثر العوام يظنُّ أن الغنى لا يجتمع مع الإيمان وأن العبادة لا بد أن تأتى بالفقر والضعف والحرمان أو تجلب الغلظة والجفاء أو التجهُّم والشحناء وحاشا لله أن يكون هكذا أتباع دينه السعداء إنما العزة لله ولرسوله وللمؤمنين وحاشا للغنى المغنى أن يرضى لمحبيه أن يكونوا فقراء أذلاء ولايكونوا تعساء أو أشقياء فتصاريف القدر فوق عقل العقلاء فما بالك بفهم الناس البسطاء ولذا احتجنا لحكمة العلماء ولا أطيل عليكم فأظنكم متشوقون للبشرى بشرى الحبيب إلى كل حبيب ولكل عبد مقبل على الله منيب وكل من يرجو التقى والهدى والعفاف والغنى{أقبل النبى على أصحابه يوماً فسألهم مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلَ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمَ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قال: فَأَخَذَ بِيَدِي وَعَدَّ خَمْساً قالَ{اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ}[1] الله أكبر بشرى خمسة فى واحد كيف هذا وظاهرها خمسة أوامر ونواهى؟قديما قالوا:أعمال الخير والبر يقوم بها البار والفاجر ولكن المعاصى والمحرَّمات لا يتركها إلا المؤمن الصابر وهنا السرُّ ياإخوانى فاتقاء المحارم تشمل توقِّى المحرَّمات التى هى فعل المنهيَّات وترك المأمورات لأن ترك المأمورات من أوَّل المنهيَّات والمحرَّمات أفرأيتم لفظان فيهما عماد الأمر والنهى ورأس زاوية كل صلاح وغى فمن اتقى الحرمات وأتمَّ المأمورات أفتراه يحمل حسداً أو غشاً أو ضغينة أو حقدا؟ً فالأولى تجعله من أوائل العابدين والثانية نتيجة من الأولى وتجعله من الراضين الشاكرين ثم هل ترى هذا يؤذى له جاراً وأذيته من أول المنهيات والإحسان إلية من أقوى المأمورات فمثل هذا أمنه جاره وعاش بجانبه فى أمن وأمان أفمثل هذا يغشُّ إخوانه أو لا يحبَّ لهم الخير كما يحبُّه لنفسه؟لا بل قد يؤثر إخوانه على نفسه أفلا يكون التارك للمحرمات والمواظب على الطاعات إذاً مسلماً حقاً ومؤمنا صدقاً ومثله يكثر جدُّه ويقلُّ هزله وإذا مزح فلا يقول كذبا فكل تلك الخيرات فروع وثمار لشجرة ترك المحرمات والمنهيات فمن كان ترك المحرمات همه وقصده فهو عابدٌ فى صدق راضٍ فى يقين يشعُّ سلاماً لمن حوله ومحبة بل وبشاشةً ومودة فمن منكم يريد أن يكون أعبد الناس وأغنى الناس مسلماً على حق ومؤمنا بصدق من يريد هذا سيقول: ولكن الرجاء بعيد والنوال أبعد لا والله فالرجاء يسير والنوال أقرب والبشرى هائلة وعظيمة وبابها هو الأوسع الأرحب فالبشرى العظيمة ياأحبائى السعداء سرها كلمة واحدة تديرها فى رأسك وتجعلها نصب عينك:لا تقترف المحرمات ولاتنتهك الحرمات ولا تتجرأ على المنهيات هل فهمنا ووعينا تلك البشرى إن جميع الطاعات ولو ملأت الأرض والسموات يطيح بها مرتكبو المحرمات قال النبى{لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً قَالَ ثَوْبَانُ: يَارَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا}[2]وحتى نكون من أهل تلك البشرى يلزم إيضاح أن الرضا بالمقسوم لا يعنى بحال أن نرضى بما قسم الله لنا حتى لو كنا فى الفقر أو المرض لأن هذا فهم سقيم لكلام النبي الكريم ولكن الفهم المستقيم أن ترضي بما قسم الله لك من أحوال الإيمان العلية أو المعيشة الهنية ولكن لا ترضى المعاصى أو الدنيَّة أو المصيبة والبليَّة ولا تحرك ساكناً وتقول رضيت بالقضية فالرضا ألا يتغير قلبك على مولاك بنزول البلاء ولكن قل هو لحكمة ظاهرةً أو خفية وتستعين به وبأسباب كونه لرفع البليَّة مع دعاء العبودية لربِّ البريَّة فالشفاء لا يأتى إلا بدواء وطبيب كما الرزق لا يأتى إلا بطرق باب الرزاق المجيب فتذهب للطبيب ثم تطلب من ربِّ الطبيب أن يجعل الشفاء على يده وترفع الدواء إلى فيك وتسأل خالقك وباريك: اللهم شفاؤك ليعافيك فيجعل الشفاء فى الدواء فهذا هو فهم الرضا بالقسمة والقضاء الذى يجعلك من أهل البشرى السعداء ولله درُّ الشاعر الحكيم الذى نظم فى بشريات الحديث شعراً رائعا جمع فأوعى فقال: عن الـهادي أتانا لـه بشيرٌ عليه صَلِّ ما لاحَ الضياء مقالٌ قد حوى كلَّ العطايا فعمَّ الفرح أرضاً والسماء إِذا ما المرءُ كنَّ به خُماسٌ فذاك هو السعيد لـه الحَبَاء فصبرٌ عن محارم ذاتِ ربي ورضى الأمر ما قسم القضاء وأحسان الجوار ولو أساءوا وحبُّ الناس مفتاح العطاء فعبد قد رضى آمن وأسلم له فى المزح قلُّ لا إجتراء فمن جمع وأحسن ذا الحوايا ففى الدنيا هناه وفى اللقاء كما قال شعراء آخرون فى بشريات إجتناب الحرام والكف عن الآثام : وبي من حَصين الدين درعُ وِقايَة به أتَوَقّى من وقوع المآثم ولي من جميع الطيّبات بشارةٌ بقول كفوا عن ركوب المحارم وقال بعضهم ناصحاً إخوانه بثمرة ترك الحرام وقد تولى العمر وفات فقال: جد في الجد قد تولى العمر فما التفريط وقد تدانى الخطر تب فعسى لقد جاء الخبر دع الحرام تكف كل الأمر البشرى الحادية عشر استغفار النبى والملأ الأعلى للمؤمنين وقد رأينا فيما سبق من بشارة عظم رحمة الله تعالى بعباده، فما أن يعودوا إليه ويستغفروه حتى يغفر لهم ما قد سلف أما فى هذه البشرى الثانية فتكاد الأنفس تزهق من الشكر لمولاها على مدى سعة الفضل الإلهى المتنزل الذى لا مثيل له فالله تعالى شمل بعطفه ورحمته ومغفرته حتى من نسى منهم أن يستغفر أو لم يفعل كما أمر الله فإذا لم يستغفر المرء يقول الله سبحانه وتعالى لحضرة النبى{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}الله الله الله على هذه البشرى وسعة فضل الله وتحنُّنه على عباده أتباع رسول الله يأمر الله النبى أن يستغفر لنا وليس هذا فحسب بل تزداد البشرى ويعظم الفضل فيأمر الله تعالى عالم الملائكة بأنواعهم وأصنافهم أنَّ عبادته التى يطلبها منهم أن يستغفرون لنا يأمر الملائكة أن تستغفر لنا من أرقى الأنواع حملة العرش يأمرهم{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}ماذا يقولون؟{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} فالنبى يستغفر لنا أجمعين من استغفر ومن نسى أن يستغفر والملائكة الكرام البررة تستغفر لنا ولا حد لفضل الله ولا منتهى ولا مزيد على كرم الله إلا المزيد من كرمه وعطفه ولطفه فالحمد الله على فضله والشكر له على ما أولانا أياه وساق لنا فى كتابه الكريم أو على يد ولسان الحبيب قال الرجل الصالح : وفى الذكر أُمِرَت ملائك ربى استغفروا رفعت عنا الوبيلا ربنا وَسعت كل شيىء رحمة ياغفار قد أقلت الذليلا ومن الحلم منك وَاللطف بخلقك قد بعثت لهم محمداً رسولا وأمرته أن استغفر لذنبك بالمؤمنين كان رؤوفا رحيما البشرى الثانية عشر استغفار المؤمنين للمؤمنين على مرِّ السنين وهنا بشرى العجب وليس بعد ذلك لأحد طلب إن الله يغفر لعباده إن استغفروه ورسوله يستغفر لهم فيقبل الله استغفاره ويغفر لهم ما أذنبوه وتعبَّد الله ملائكته بأن يستغفروا للمؤمنين فيقبل الله استغفارهم لهم ويقيلهم مما اقترفوا وارتكبوه فهل بعذ ذلك فضل؟أو وراء ذلك ما لم نعرف بعد؟نعم يا إخوانى مازالت الأفضال تترى والبشريات تتوالى ألم تسمعوا قول ربِّ العزة للأتقياء والصلحاء من المؤمنين أن استغفروا للخطائين والمذنبين ألم يقل الله{قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ}ما هذه البشرى العجيبة يا إخوانى؟كيف ذلك؟هل فهمنا ما هى البشرى؟ أم نحن نمر على الآيات الشريفة مرور الكرام ولانعى ما يريد أن يخبرنا به الملك العلام؟ سأسألكم سؤالاً: أتعرفون لماذا يقول الإمام فى الدعاء فى نهاية الخطبة الثانية للجمعة{اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ إنَّك قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ} اسمعوا السر من سيد الرسل والسادات حيث يقول فى أحاديث عديدة{مَنْ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ كَتَبَ الله لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً}[3]{مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْـمُؤْمِنِـينَ وَالـمُؤْمِنَاتِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعاً وَعِشْرِينَ مَرَّةً كانَ مِنَ الَّذِينَ يُسْتَـجَابُ لَهُمْ وَيُرْزَقُ بِهِمْ أَهْلُ الأَرْضِ}[4]كل هذا العطاء والفضل والمنة والرزق لأنك استغفرت للمؤمنين والمؤمنات فهل سمعتم بشرى مثل هذه؟ هل رأيتم فضلاً أوسع من هذا الفضل؟بل ويؤكد هذا العطاء أنه بعددهم من لدن آدم إلى يوم القيامة الله أكبر على الفضل الذى لا منتهى له ولا مثيل قال عليه افضل الصلاة وأتم التسليم {من استغفر للمؤمنين والمؤمنات ردَّ الله عليه عن كل مؤمن مضى من أول الدهر أو هو كائن إلى يوم القيامة}[5] وقد قال الشاعر الحكيم جامعا الإشارة للآية وللحديث معاً: ما ضرَّ مُسْتَغْفِرٌ فِى اليَوْم سَبْعِينَ فَمَا عطا مَنْ جازوا الحلَّ والحينا منح إلإلهُ الأْجْرَ منه هديةُ أعداد من أسلفوا واللاحقينا أهْدَى الحبيب بُشْـرَاه لنَّـا مِـنَّةً بدعائنا لمن أسـلموا وللمؤمنينا فإن دَعْوتَ حُبيتَ وفى العَطَا وِسْعَةٌ تَنَالُ بقول ورا الإمام آمِينا وفى آى "لايرجون" أمْرٌ رَحْمَةً بحق مَنْ نسوا الأيَامَ تعيينا وصلِّ مولاى على الحبيب محمد ما كـان ويكون بدءاً وتكوينا فأين تبلغ بشراك إذا أمنت وراء الإمام فى دعاء الجمعة للمؤمنين والمؤمنات وكم تحصل فى كل الجمع طوال سنين عمرك وأنت تؤمن وتدعو للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات هل يمكن لأحد أن يحسب ذلك؟ كم لنا فى تلك التأمينات من حسنات؟ مقابل جميع المؤمنين والمؤمنات من لدن آدم ليوم الميقات ولا يعلم عددهم إلا خالق الأرض والسموات ما هذا الفضل وما هذا الكرم! وما هذا الجود الإلهى؟ وما مدى تلك العطايا والإتحافات البشرى الثالثة عشر توبوا تبدل سيئاتكم حسنات ولا منتهى لفضل الله ولا رادَّ لقوله يفعل مايشاء ولا حدّ لكرمه ففوق كل الكرم الذى شهدنا والفضل المتوالى الذى ولانا به مولانا يقول الله لملائكته.لو أذنب عبدى ثم ندم وتاب وأصلح فضعوا له مكان كل ذنب حسنة{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}ولذا قال النبى فى حديث شريف منيف{ لِيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ لَوْ أَكْثَرُوا مِنَ السَّيئَاتِ الَّذِينَ بَدَّلَ اللَّهُ سَيئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ }[6] ومن هنا نظم الرجل الصالح فقال : هتَكَ العاصون بالذنوب حِمَا هم سوَّدوا الوجوه والصفحات جاءَ نَصُّ الحساب عليها عسيــراً عدا من هٌدُوا قبل فَوَاتِ بالذُّل جاءوا ربهم بفعَـالٍ صدق خيرٍ وصالحـاتِ فتمنَّى القوم لو أكثروا لـمْــمَا بَدَلَ الله سَيّئاتِهم حَسَناتِ قلتُ ياربنا كم أفضت عليــنا من آى بشرِ نيِّراتِ بها الخيرُ آت لنا وَعَنْــنَا الشَّرُ زالَ والنعيمُ مُواتِ فلو بقى نفسٌ فى العمر إلــلا آىُ القران أتت بنجاتى فكيف نفي بالشكر حقاً علـيــنا عمَّنا حياةً وبعد مماتى رحمة الله يا إخوانى بنا لا تُعد ولا تُحدّ ولو علمنا على قدرنا سعة رحمة الله بنا ما إلتفتنا عن وجهه وعن ذكره وعن شكره وعن طاعته طرفة عين ولا أقل فلم يقل إن الله يحب العابدين أمثالنا أوالمصلين أو الصائمين أو القائمين أو التاليين ولكنه يُنبئ لنا عن رحمته فيقول{إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}علم ضعفنا وعلم جهلنا وعلم أن النفس تتقلب علينا ففتح لنا أبواب التوبة بلا حدود حتى إذا أخطأنا أو سهونا أوجهلنا أو نسينا نرفع أكفّ الضراعة ونقول يا رب فإذا تبنا قال : وأنا قبلت إذا تبت يقول تعالى للملائكة:يا عبادى إفتحوا أبواب السماوات لقبول توبته ولدخول أنفاس حضرته فلنفس العبد التائب يا ملائكتى أعزّ عندى من السماوات والأراضين وما فيهن نعم يا أخى أنظر إلى رحمة الله وإلى شفقة الله قارون آتاه الله مالاً يعجز الجمع الكثير عن حمل مفاتيح خزائنه حتى رأى انه هو وحده الذى يستحق الوجاهة فى بنى إسرائيل ولم يرى منافساً له فى الوجاهة بين بنى إسرائيل إلاّ نبى الله موسى فضاق ذرعاً بذلك فأراد أن يُسقط مكانته بين بنى إسرائيل فى زعمه لينفرد بالجاه فانتظر حتى جاء عيد لبنى إسرائيل وإتفق مع إمرأة بغّى أن يعطيها مالاً كثيراً على أن تتهم موسى بالفاحشة على الملأ من بنى إسرائيل عند إجتماعهم للعيد فجاءت المرأة وقد تجمّع الناس جميعاً وجلس قارون على كرسىّ من ذهب وله تاج من جواهر ينتظر إتمام خطته لكن الله غيّر قلب هذه المرأة فقالت فى نفسها : إنكِ لم تفعلى خيراً قط فقولى اليوم الحق لعلّ الله يغفر لك فلما قدّمها قارون وقال إنها تزعم أن موسى فعل معها كذا وكذا قالت المرأة: لا أنت الذى أمرتنى بقول ذلك على مبلغ كذا من المال فغضب موسى وقال: يارب أيوصف عبدك ونبيك بالزنى واخذ يُلحّ على الله حتى قال له مولاه: مُر الأرض بما شئت فهى طوع أمرك فقال موسى للأرض يا أرض خذيه وأشار إلى قارون فانشقت الأرض وهمّت أن تبتلعه فقال قارون : تبت يا إبن الخالة فلما سمعت الأرض كلمة تُبتُ إلتأمت مرةً أخرى فكرر موسى قوله وكررت الأرض فعلها وكرر قارون استنجاده بموسى فتكرر الأرض إلتئامها عند قول تبت سبعين مرة يتكرر الأمر وبعد السبعين إنشقت الأرض وإبتلعته فعاتب الرحمن الرحيم موسى وقال : يا موسى يستغيث بك سبعين مرة فلا تغثه وعزّتى وجلالى لو إستغاث بى مرةً واحدةً لأغثته يا إخوانى إنَّ الله تعالى سمّى نفسه من أجلكم الرحمن الرحيم ولم يقل لك قل : باسم الجبار أو المنتقم أو القهار لكن قل : بسم الله الرحمن الرحيم هل وعينا الدرس وتنسمنا نسيم البشرى قال الرجل الصالح أبو مسلم العمانى فى قصيدة خماسية طويلة جداً مناجاة رائعة أخذنا منها تلك الأبيات ....: أصبحت والذنب عظيماً موبقاً أوقعني في أسر اشراك الشقا إن لم يكن لي سيدي موفقاً ولم يكن لتوبتي محققا فأين منجاتي كلا لا وزر أصبحت عبداً في مقام الذلـه قضيت عمري باطلاً وضلـه أبارز اللّه بقبح الخلـه انتهك الزلة بعد الزلـه كأنني أمنت خزياً منتظر أصبحت عبداً بذنوبي معتقلّ قد غرني الجهل وأرداني الأمل يا ويلتاه قد دنا مني الأجل ولم أقدم صالحاً من العمل أجاهر النعمة مني بالبطر تلك صفاتي بئس وصف المتصف عن كل ما يرضي الـهي منحرف أواه أواه عبيد مقترف مصرح عما جنيت معترف لا أرعوي لحكمة ومزدجر وقال أحد الصالحين فى تلك المعانى العالية لتبديل السيئات بالحسنات وقبول الله للعباد على خطاياهم وسوء فعالهم: تجل بغفار عفو وتواب وبالفضل أكرمنا بخير متاب فأنت كريم واسع الجود والعطا تبدل بالحسنى إساءة مرتاب خطاياي لا تحصى وعفوك شامل وما هي يا مولاي في عفو وهاب إذا ما ملأت الأرض ظلما وبدعة فإنك تبدلـها بخير ثواب بجانب عفو اللـه كل كبائري تبدل بالحسنى بغير عتاب أنا طامع في العفو والظلم شيمتي وعفوك مرجو بنص كتاب أنلني حبا منك يمحو كبائري وإن لم تهب لي الحب طال عذابي وفي محكم القران آي صريحة (فإني قريب) حجة الأحباب [1] رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان والحسن لم يسمع من أبي هريرة ورواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة الترغيب والترهيب [2] وروى ابن ماجه عن ثوبان قال ورواته ثقات [3] حاشية الجمل وكثير غيرها [4] الأول رواه الطبرانى وإسناده جيد والثانى للطبراني في الكبير عن أبـي الدرداء الفتح الكبير [5] حديث آدم فى أمالي (ابن بشران)عن أنس والثانى فى تخريج أحاديث الإحياء العراقي عن أنس أيضاً [6] رواه الحاكم فى مستدركه ورمز لصحته وصححه السيوطى كذا رواه الديلمى والثعلبى والقشيرى عن أبى هريرة | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق الثلاثاء فبراير 14, 2012 7:50 pm | |
| رد: بشائر الفضل الالهى فى الاخلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
البشرى الرابعة عشر بشرى حسبنا الله والحول بالله ويتوالى الفضل وسحب التأييد والبشرى والعون فكم من مؤمن أراد به جبار بطشاً أو خاف قهراً من ذى قوة أو حول وطول وقرح زناد الفكر فلم يجد له منقذا وهو فى هذا الضيق واقعٌ ولكنه ينسى أن بشرى الفرج بين يدية فى كلمات بشَّر بها الله تعالى وحبيبه كل من خاف بطش جبارٍ ولـو كانوا أولى قوة وأولى بأس شديد فعليه بالامتثال لقول الحميد المجيد فى بشرى كتابه الكريم إذ يقـول{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}فما عليه إلا أن يقول{حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}موقناً بها قلبه ومتحققا بنصر ربه وقد قال يطمئن كل مؤمن إلى نصر الله بهذه الكلمات القليلة العدد{لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من الضر(وفى رواية من الداء وفى أخرى من الشر)أدناها الهم } فلو واظب الإنسان على قولها والتخلق بحقيقتها يدفع الله عنه ذلك ولذلك عندما قال له ابن عمه وزوج ابنته الإمام علي: يا رسول الله دلني على شئ أستمسك به قال له ولنا ولكل أهل الإيمان إلى يوم الإيقان{ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: قل لا حول ولا قوة إلا بالله }فهى كنز من كنوز الجنة فمن استمسك بها فتحت له كنوز الجنة من العون والفضل والمنحة والمنة فلا يقدر عليه أحد ولا يبلغ ضره أحد ولله در الولى الحكيم أبى مسلم العمانى شارحاَ ذلك الفضل ومبيناً ما يبلغ الأمر بمن يستغيث بحول الله وطوله وقوته من قصيدة طويلة أخترنا من أبياتها: اللّه بسم اللّه أمنك إنني يا مؤمن المذعور منك على وجل اللّه بسم اللّه يا متكبر فلتمحق المتكبرين على عجل اللّه بسم اللّه يا قهار خذ خصمي العنيد فأنت تعلم ما فعل اللّه بسم اللّه حسبي أن علــمك يا رقيب بسوء حالي لم يحل اللّه بسم اللّه كاشف سوء مضــطر دعاه مجيب دعوة من سأل اللّه بسم اللّه دافع كل ضــر يا حكيم ادفع بحكمتك العلل اللّه بسم اللّه كن لي في أموري يا وكيل ويا حسيب من اتكل اللّه بسم اللّه يا صمد اكفني الــعسرى وصن وجهي بيسر منهمل اللّه بسم اللّه حل شدائدي يا قادر امحقها فقد ضاق الكبل اللّه بسم اللّه حسبي فاطر الـأشياء في سلطانه كنف وظل اللّه بسم اللّه يا ذا العزة انــظرنا وأوجب في أعادينا الفشل اللّه بسم اللّه يا ذا البطش أخــزهم ببطشك في أعاديك الأول وقال أحد الحكماء رضى الله عنهم فى أبيات رائعة: ويا مالكَ الأملاكِ لا حولَ عندنَا ولا قُوَّةً إلاّ بقُدْرَتِكَ العظمَى سَلامٌ فسَلْمنَا منَ السُّوءِ كلّهِ بقَوْل لاحَوْلَ كَنْزٌ هُوَ الأغْلَى تُفِيضُ لنَا بِهِ مِنْ فَيْضِ حَسْبِكَ قُوَّةً فيهلِكُ أعْدَانَا ويَقِينَا حمىً الموْلَى فَلاَ نَخْتَشِي الأسوَا وأنتَ مُهَيْمِنٌ علَيْنَا عَزيزٌ لَمْ يُسَمْ حِزْبُهُ هضمَا لكَ الطِّولُ يَا جَبَّارُ فاجْبُرْ قُلُوبَنَا فقدْ صُدِعَتْ بالـهمِّ وانفعَلَتْ غما وَحَسْبُنَا قَولُ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ تدفعُ من الشرٍّ مائة الهَمَّ فَمَا أعْلَى البشرى الخامسة عشر قوة الصابرين من عند ربِّ العالمين وهذه البشرى يا إخوانى بشرى يحتاجها كل المسلمون وبالذات هذه الأيام التى تكالبت فيها قوى الشر على الإسلام وأهله وهى البشرى العظيمة التى قال فيها الله{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}قال عشرون صابرون وليس آكلون وقد كان سيدنا على يضرب بسيفين فى الحرب باليمين وباليسار وكان مع قلة الأكل قويا قوة من عند القوى فقد ورد أنه كان عندما يمسك معصم رجل يمنع تنفسه ومرة رفع باب حصن وتدرع به فجاء بعد المعركة ثلاثون رجلاً فما استطاعوا أن يحركوا الباب ليعيدوه وكانوا يؤمرون ألا يفرَّ واحدُ من عشرة أمامه أما نحن جمعياً فنقول: القوة من القوت وهذا هو الظاهر ولكن البشرى الباطنة فى الآية هى أن القوت من المقيت والقوة من القوى فمن استمد البشرى من القوى فهو بعشرة ولو لم يكن قويا كما أشار الله فالمؤمن الصابر لا يضعف عن أن يساوى إثنين ممن سواه فيا هنا من أدرك البشرى فهل هذا يخاف أو يجبن؟ حاشا لله أن يضعف من قوَّاه وحاشا لله أن يذلَّ من هو فى حماه فافرحوا بالبشرى وادخلوا فى حمى الله وتقووا بالله وبقوة الله تنصروا على من استقوى بغيرالله وأبين لكم المزيد نحن نأكل اللحوم من أجل القوة فأين القوة بيننا مقارنة بمن سبقونا؟ وماذا أكل آبائنا؟وكيف كانت قوتهم بالنسبة لطعامهم؟فنحن الآن نأكل الكثيروكان آباؤنا وأجدادنا يأكلون الفتات ومع ذلك كانوا فى منتهى القوة والثبات وكنت أعرف محفظاً كفيفا ًللقرآن كان يمسك السيارة من الخلف ثم تدور فلا تستطيع أن تنطلق فالقوة من القوى أما الآن فنحن نأكل ونأخذ مع الأكل أدوية وعقاقير للقوة ومع ذلك لا نقوى على شئ وذلك لأننا لجأنا بالكلية إلى الأسباب ودخلنا فى هذا الحجاب فعاملنا الله من هذا الباب وأغلق أمامنا كنوز حضرة الوهاب وأولها كنوز القوى الصبور فقوة الصبر من حضرة الصبور ولكي تنالها لابد أن تتصل بحبل الإيمان والنور فيمددك القوى بقوته ويلبسك الصبور حلته ويسبل عليك سرَّ رعايته فيظهر عليك نور اسمه الصبور ويحتار فيك أهل القوى والشرور ولذا قال كاشفاً سرَّ الصبر ومبشراً أهله بسعة الأرزاق فى جميع الآفاق بل وموسعاً بشراه لأهل التصبَّر فياهنانا ببشراه{وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله وَمَا أُعْطِيَ أحَدٌ شَيْئَاً هُوَ خَيْرٌ وأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ} فلا يقولنَّ أحدٌ بعد اليوم إن صبرى قليلٌ أو صدرى ضيق لأن من تصبَّر كافأه الله فصبَّره وجعله صابراً فلو تصبَّرت ساعة لصبَّرك الله دهراً فاعزم وتحرَّك وأرِ الله من نفسك خيراً يفتح لك باب الرزق الأوسع الواسع من بحر الصبر الشاسع فيا هنا من أبحر فيه وسافر وعلى الله توَّكل وبمولاه لاذ وصابر قال الإمام على : أَلاَ فَاصْبِرْ على الحَدَثِ الجَلِيْلِ وَدَاوِ جِوَاكَ بالصَّبْرِ الجَميلِ وَلاَ تَجْزَعْ وإِنْ أَعْسَرْتَ يوما فَقَدْ أَيْسَرْتَ في الزَّمَنِ الطَّوْيِل ولا تَيْأَسْ فإِنَّ اليَأْسَ كُفْرٌ لَعَلَّ اللَه يُغنِي مِنْ قليلِ ولا تَظْنُنْ بِرَبِّكَ غير خَيْرٍ فَإِنَّ اللَه أُوْلَى بالجميل وإِنَّ العُسْرَ يتبعه يَسارٌ وقولُ اللِه أَصْدَقُ كُلِّ قِيلِ واخترت لكم أبيات قلة ولكنها رائعة فى الصبر والتصبِّر قال محمد بن بشر: إن الأمور إذا اشتدت مسالكها فالصبر يفتح منها كل ما رتجا لا تيأسن وإن طالت مطالبه إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا وقال أحد الكرام رضى الله عنهم على الدوام: ما أحسن الصبر في مواطنه فإن عزَّ فالتصبُّر أصلٌ ما له ثمنُ ما رُزِقَ أحدٌ خيراً منهما حسنا عواقب الصبر جلَّت ما لـها ثمن وقال الشاعر الآخر مشجعاً على الصبر: إذا كنت في ضرٌ ولم تر حيلة فصبرٌ أو تصبُّر مدركُ الأمر كذاك عيون الماء تكدر مرّة وتصفو مراراً فهى عادة الدهر وحبيبنا الهادى أنبأ حكمةً ألا عطا أبداً أوسع من الصبر وقد أمر فى المنقول آل ياسر صبراً جميلاً فهو مربط النصر وقال آخر قولاً يعده البعض من أجمل ما نظم فى الصبر: وإذا مسَّك الزمان بضرٍّ عظمت دونه الخطوب وجلت وأتت بعده نوائب أخرى سئمت نفسك الحياة وملَّت فاصطبر وانتظر بلوغ الأماني فالرزايا إذا توالت تولَّت وإذا أوهنت قواك وجلت كشفت عنك جملة وتخلَّت وما قيل فى الصبر والتصبر أكثر من أن يحصى وفيما سبق عبرة كافية. البشرى السادسة عشر بشريات أسرار وأنوار الدعاء وهنا تأتى بشرى كلِّ لحظة من لحظات حياة المؤمن حتى يلقى الله ألا وهى بشرى الدعاء فالمسلم أمام تصاريف القضاء والقدر فى كل وقت يقف مفكِّراً وكثيراً يقف متحيِّراً فيتلقَّاه بهذه الهدية التى كلها أملٌ وفتحٌ وفرج فيبشِّره بعبارة كلها أسرارٌ وأنوار فيقول{لاَ يَرُدُّ القَدَرِ إلاَّ الدُّعَاءُ }وفى رواية{لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إلاَّ الدُّعَاءُ} فلكى يحظى المؤمن بالبشرى الباطنة فى تلك الكلمات العظيمة فلابد أن يلزم باب التقوى ويرضى عن مولاه بما قسم له فى دنياه من حال حسن يرضاه فى وجوده أو أخراه أو بأن يدفع الشر عن نفسه وما ومن ولاه عليه الله إن كان فى دنياه أو دينه وأخراه بالمشى فى الأسباب بشرع كتاب الله وسنة حبيبه ومصطفاه ثم يلزم باب الدعاء بما ورد من كتاب الله عن أنبيائه ورسله أو أوليائه وأحبابه مما ذكر الله أو أورده حبيبه ومصطفاه من الأدعية التي أمر بها الأصحاب وسنَّها للأحباب أو يدعو بما فتح به الله عليه فكلها مجابة بشرط صدق الإضطرار إلى جناب الله ونفض اليد من سواه{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}وللإمام الشوكانى يقول : لا أَتْركُ الإلْحاحا مَسائِيَ والصَّباحا وأَوْضَحَ النّهارِ وظُلْمَةَ الأسْحارِ حَتَّى أَرَى الإجابَه تأتي بلا اسْتِرابَهْ أَرْجوكَ يا رَبَّ السَّما بأنْ تُجيبَ كُلَّ ما أَدْعو بِهِ مِنْ حَاجَهْ طالَتْ بِها اللّجاجهْ وَمَا أَرَى لِي مَنْهَجاً إِليْكَ إلاّ بالرَّجا ولَمْ يكُنْ لي عَمْلٌ يُرْجَى بِهِ الْتّوَسُّلُ فإِنَّني مُخَلِّطُ مُقَصِّرٌ مُفَرِّطُ ولأبى العتاهية من أرجوزة خماسية له بلغت أربعة ألاف بيت : أدعوك يا ربي بما دعوت به وكل ما تحب أن تسأل به وكل ما تجيب من دعاك به معتقداً لكل ما أمرت به ذخيرتي أنت ونعم المدخـــر ملأت قلبي منك خوفاً ورجا جعلت حسن الظن فيك معرجا فاجعل لنا من كل أمر مخرجا وحاجتي ربي النجا فيمن نجا وأنت يا رب عليها مقتـــدر وقال القائل الحكيم فيمن استهون فعل الدعاء أو أثر الرجاء وهذا القول لكل من انتقص من شأن الدعاء سواءاً كان ذلك تقليلاً لشأنه أو استبطاءاً لأثره فقال: أتهزأ بالدعاء وتزدريه وماتدري بما صنع الدعاء سهام الليل نافذة ولكن لـها أمد وللأمد انقضاء فيمسكها إذا ما شاء ربي ويرسلـها إذا نفذ القضاء وللدعاء يا إخوانى أسرار جمة وبشريات لا تعد ولا تحصى ولوجلسنا نفصِّل بشريات الدعاء ما انتهينا لأن الله ما ترك داءاَ إلا وأنزله بأحد من الرسل أو الأنبياء ثمَّ بيَّن لنا فيه النموذج القرآني الذى اتبعه النبى فحصل له الشفاء ففى كل قصة من قصص الأنبياء بشرى من بشريات الدعاء وسأسوق لكم بعض الأمثلة فقط للدلالة على بشريات الدعاء من أدعية الرسل والأنبياء وفى هذا كفاية للعقلاء وسأختار نموذجين من النماذج التى تحدث لكثير منا وقد تظلم الدنيا فى أعينهم ويظنون بالله الظنونَ وفرج الله وبشراه أقربُ مما يظنون فإذا كان أحدنا مغاضباً استولى عليه الإحباط وأصيب ببعض قنوط أو يأس أو ضيق فى الصدر أو شك فى النفس فعليه بهذا الدعاء يكرره بصدق كما جاء فى قرآنه{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}وقد قال الشاعر المعروف أسامه الشيرازى فى ذلك: إذا ما عَرا مالا أَطيقُ دفاعَهُ وأرْمَضَني الفكرُ المُسَهِّدُ والـهَمُّ دعوتُ الذي ناداهُ موسى لدفعِ ما يحاذِرُ من فِرعونَ فانفرَقَ اليَمُّ وناديتُ مَن ناداه ذو النُّونِ واثِقاً به في ظلامِ البَحرِ فانكشَفَ الغَمُّ وقال الحكيم فى سر الكنز الذى يذهب مع المؤمن حيث ذهب ولا يستطيع أحد أن يسرقه وكلما أنفقت منه ربا وزاد وعليك بالخير عاد ألا وهو الدعاء: وَكَنزاً لا تَخافُ عَلَيهِ لِصّاً خَفيفَ الحَملِ يوجَدُ حَيثُ كُنتا يَزيدُ بِكَثرَةِ الإِنفاقِ مِنهُ وَيربو أَن بِهِ ربَّا وثقتا فادع ُالله فى الظلمات وأجأر وَأَخلِص في السُؤالِ إِذا سَأَلتا وَنادِ إِذا سَجَدتَ لَهُ اِعتِرافا بِما ناداهُ ذو النونِ بنُ مَتّى وَلازِم بابَهُ قَرعاً عَساهُ سَيفتَحُ بابَهُ لَكَ إِن قَرَعتا ونموذج آخر من بشريات الدعاء وبشرى عظيمة من بشريات استجابة الرجاء فإذا كان الرجل محروماً من نعمة الولد فالكل يعرف الطريق بالذهاب لطبيب وبذل البعيد والقريب ولكن الناس تنسى الإخلاص فى الدعاء والإلحاح مع الرجاء وتعتقد أن الطبيب لديه الشفاء والطبيب لديه الدواء أما الشفاء فمن خلق الأرض والسماء وجعل الشفاء فى أشياء وهدى إليها الأطباء وأعمى عنها من شاء فعلينا مع الذهاب للأطباء وأخذ الدواء أن ندعو بدعوة أبى يحي زكريا فيستجيب الله للدعاء مع الدواء وإخلاص الرجاء ويهب من الأبناء ما يشاء لمن يشاء حيث قال فى كتاب الشفاء{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } طالَعُ السَّعدِ بِالمَيَامِنِ حَيا وَاضِح البِشرِ مُستَنير المُحيَا حِينَ قَالَتْ لَدَى الوِلادَة يَا بُشرَايَ هَذا غُلامٌ قلنَا رَضِيا فَجَرى الفَالُ بِابنِ يَعقُوبَ بَدءاً وَتَنَاهَى بِابنِ النَّبِي زَكَرِيَّا ذَاكَ رجاء كلِّ مُؤمِنٍ مَقْطُوعٍ إذاَ مَا قَالَ رَبّ هَبْ لِي وَليَّا يَا أبَا يحيى بشراك فُز بولدٍ لَمْ تَكُنْ بِالدُّعَاءِ فِيهِ شَقيَّا ومن يقدر أن يمنع فضل ربى وَوَهَبنَا لَهُ غُلاماً زكِيا وقال أحد الحكماء فى أسرار وأنوار وبشريات الدعاء: لي تنزل بقابل التوب معط أقبلن بي إليك طال صدودي واجهني بوجه رب غفور أكرمني بالفضل لا بالجهود أسعدني بما تحب أقمني في شهود الأنوار سر الوجود مذنب فاقبلن إلهي متابي وارض عني لأدخلن في العبيد [1] للطبراني في الأوسط عن جابر، ابن عساكر عن ابن عباس [2] أخرجه البخاري ومسلم عن أبى ذر وعن عن عبد الله بن قيس وفيها روايات عديدة بطرق مختلفة [3] عن أبى سعيد، سنن الترمذي، قال أبو عِيسَى : وفي البابِ عن أَنَسٍ هذا حديث حسن صحيح [4] حديث القدر رواه الحاكمُ في المستدرك وابنُ حِبَّانَ في صحيحه ورواية القضاء أخرجها ابن المبارك في رقائقه والكل عن ثوبان
| |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق الثلاثاء فبراير 14, 2012 7:53 pm | |
| رد: بشائر الفضل الالهى فى الاخلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
البشرى الرابعة عشر بشرى حسبنا الله والحول بالله ويتوالى الفضل وسحب التأييد والبشرى والعون فكم من مؤمن أراد به جبار بطشاً أو خاف قهراً من ذى قوة أو حول وطول وقرح زناد الفكر فلم يجد له منقذا وهو فى هذا الضيق واقعٌ ولكنه ينسى أن بشرى الفرج بين يدية فى كلمات بشَّر بها الله تعالى وحبيبه كل من خاف بطش جبارٍ ولـو كانوا أولى قوة وأولى بأس شديد فعليه بالامتثال لقول الحميد المجيد فى بشرى كتابه الكريم إذ يقـول{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}فما عليه إلا أن يقول{حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}موقناً بها قلبه ومتحققا بنصر ربه وقد قال يطمئن كل مؤمن إلى نصر الله بهذه الكلمات القليلة العدد{لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من الضر(وفى رواية من الداء وفى أخرى من الشر)أدناها الهم } فلو واظب الإنسان على قولها والتخلق بحقيقتها يدفع الله عنه ذلك ولذلك عندما قال له ابن عمه وزوج ابنته الإمام علي: يا رسول الله دلني على شئ أستمسك به قال له ولنا ولكل أهل الإيمان إلى يوم الإيقان{ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: قل لا حول ولا قوة إلا بالله }فهى كنز من كنوز الجنة فمن استمسك بها فتحت له كنوز الجنة من العون والفضل والمنحة والمنة فلا يقدر عليه أحد ولا يبلغ ضره أحد ولله در الولى الحكيم أبى مسلم العمانى شارحاَ ذلك الفضل ومبيناً ما يبلغ الأمر بمن يستغيث بحول الله وطوله وقوته من قصيدة طويلة أخترنا من أبياتها: اللّه بسم اللّه أمنك إنني يا مؤمن المذعور منك على وجل اللّه بسم اللّه يا متكبر فلتمحق المتكبرين على عجل اللّه بسم اللّه يا قهار خذ خصمي العنيد فأنت تعلم ما فعل اللّه بسم اللّه حسبي أن علــمك يا رقيب بسوء حالي لم يحل اللّه بسم اللّه كاشف سوء مضــطر دعاه مجيب دعوة من سأل اللّه بسم اللّه دافع كل ضــر يا حكيم ادفع بحكمتك العلل اللّه بسم اللّه كن لي في أموري يا وكيل ويا حسيب من اتكل اللّه بسم اللّه يا صمد اكفني الــعسرى وصن وجهي بيسر منهمل اللّه بسم اللّه حل شدائدي يا قادر امحقها فقد ضاق الكبل اللّه بسم اللّه حسبي فاطر الـأشياء في سلطانه كنف وظل اللّه بسم اللّه يا ذا العزة انــظرنا وأوجب في أعادينا الفشل اللّه بسم اللّه يا ذا البطش أخــزهم ببطشك في أعاديك الأول وقال أحد الحكماء رضى الله عنهم فى أبيات رائعة: ويا مالكَ الأملاكِ لا حولَ عندنَا ولا قُوَّةً إلاّ بقُدْرَتِكَ العظمَى سَلامٌ فسَلْمنَا منَ السُّوءِ كلّهِ بقَوْل لاحَوْلَ كَنْزٌ هُوَ الأغْلَى تُفِيضُ لنَا بِهِ مِنْ فَيْضِ حَسْبِكَ قُوَّةً فيهلِكُ أعْدَانَا ويَقِينَا حمىً الموْلَى فَلاَ نَخْتَشِي الأسوَا وأنتَ مُهَيْمِنٌ علَيْنَا عَزيزٌ لَمْ يُسَمْ حِزْبُهُ هضمَا لكَ الطِّولُ يَا جَبَّارُ فاجْبُرْ قُلُوبَنَا فقدْ صُدِعَتْ بالـهمِّ وانفعَلَتْ غما وَحَسْبُنَا قَولُ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ تدفعُ من الشرٍّ مائة الهَمَّ فَمَا أعْلَى البشرى الخامسة عشر قوة الصابرين من عند ربِّ العالمين وهذه البشرى يا إخوانى بشرى يحتاجها كل المسلمون وبالذات هذه الأيام التى تكالبت فيها قوى الشر على الإسلام وأهله وهى البشرى العظيمة التى قال فيها الله{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}قال عشرون صابرون وليس آكلون وقد كان سيدنا على يضرب بسيفين فى الحرب باليمين وباليسار وكان مع قلة الأكل قويا قوة من عند القوى فقد ورد أنه كان عندما يمسك معصم رجل يمنع تنفسه ومرة رفع باب حصن وتدرع به فجاء بعد المعركة ثلاثون رجلاً فما استطاعوا أن يحركوا الباب ليعيدوه وكانوا يؤمرون ألا يفرَّ واحدُ من عشرة أمامه أما نحن جمعياً فنقول: القوة من القوت وهذا هو الظاهر ولكن البشرى الباطنة فى الآية هى أن القوت من المقيت والقوة من القوى فمن استمد البشرى من القوى فهو بعشرة ولو لم يكن قويا كما أشار الله فالمؤمن الصابر لا يضعف عن أن يساوى إثنين ممن سواه فيا هنا من أدرك البشرى فهل هذا يخاف أو يجبن؟ حاشا لله أن يضعف من قوَّاه وحاشا لله أن يذلَّ من هو فى حماه فافرحوا بالبشرى وادخلوا فى حمى الله وتقووا بالله وبقوة الله تنصروا على من استقوى بغيرالله وأبين لكم المزيد نحن نأكل اللحوم من أجل القوة فأين القوة بيننا مقارنة بمن سبقونا؟ وماذا أكل آبائنا؟وكيف كانت قوتهم بالنسبة لطعامهم؟فنحن الآن نأكل الكثيروكان آباؤنا وأجدادنا يأكلون الفتات ومع ذلك كانوا فى منتهى القوة والثبات وكنت أعرف محفظاً كفيفا ًللقرآن كان يمسك السيارة من الخلف ثم تدور فلا تستطيع أن تنطلق فالقوة من القوى أما الآن فنحن نأكل ونأخذ مع الأكل أدوية وعقاقير للقوة ومع ذلك لا نقوى على شئ وذلك لأننا لجأنا بالكلية إلى الأسباب ودخلنا فى هذا الحجاب فعاملنا الله من هذا الباب وأغلق أمامنا كنوز حضرة الوهاب وأولها كنوز القوى الصبور فقوة الصبر من حضرة الصبور ولكي تنالها لابد أن تتصل بحبل الإيمان والنور فيمددك القوى بقوته ويلبسك الصبور حلته ويسبل عليك سرَّ رعايته فيظهر عليك نور اسمه الصبور ويحتار فيك أهل القوى والشرور ولذا قال كاشفاً سرَّ الصبر ومبشراً أهله بسعة الأرزاق فى جميع الآفاق بل وموسعاً بشراه لأهل التصبَّر فياهنانا ببشراه{وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله وَمَا أُعْطِيَ أحَدٌ شَيْئَاً هُوَ خَيْرٌ وأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ} فلا يقولنَّ أحدٌ بعد اليوم إن صبرى قليلٌ أو صدرى ضيق لأن من تصبَّر كافأه الله فصبَّره وجعله صابراً فلو تصبَّرت ساعة لصبَّرك الله دهراً فاعزم وتحرَّك وأرِ الله من نفسك خيراً يفتح لك باب الرزق الأوسع الواسع من بحر الصبر الشاسع فيا هنا من أبحر فيه وسافر وعلى الله توَّكل وبمولاه لاذ وصابر قال الإمام على : أَلاَ فَاصْبِرْ على الحَدَثِ الجَلِيْلِ وَدَاوِ جِوَاكَ بالصَّبْرِ الجَميلِ وَلاَ تَجْزَعْ وإِنْ أَعْسَرْتَ يوما فَقَدْ أَيْسَرْتَ في الزَّمَنِ الطَّوْيِل ولا تَيْأَسْ فإِنَّ اليَأْسَ كُفْرٌ لَعَلَّ اللَه يُغنِي مِنْ قليلِ ولا تَظْنُنْ بِرَبِّكَ غير خَيْرٍ فَإِنَّ اللَه أُوْلَى بالجميل وإِنَّ العُسْرَ يتبعه يَسارٌ وقولُ اللِه أَصْدَقُ كُلِّ قِيلِ واخترت لكم أبيات قلة ولكنها رائعة فى الصبر والتصبِّر قال محمد بن بشر: إن الأمور إذا اشتدت مسالكها فالصبر يفتح منها كل ما رتجا لا تيأسن وإن طالت مطالبه إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا وقال أحد الكرام رضى الله عنهم على الدوام: ما أحسن الصبر في مواطنه فإن عزَّ فالتصبُّر أصلٌ ما له ثمنُ ما رُزِقَ أحدٌ خيراً منهما حسنا عواقب الصبر جلَّت ما لـها ثمن وقال الشاعر الآخر مشجعاً على الصبر: إذا كنت في ضرٌ ولم تر حيلة فصبرٌ أو تصبُّر مدركُ الأمر كذاك عيون الماء تكدر مرّة وتصفو مراراً فهى عادة الدهر وحبيبنا الهادى أنبأ حكمةً ألا عطا أبداً أوسع من الصبر وقد أمر فى المنقول آل ياسر صبراً جميلاً فهو مربط النصر وقال آخر قولاً يعده البعض من أجمل ما نظم فى الصبر: وإذا مسَّك الزمان بضرٍّ عظمت دونه الخطوب وجلت وأتت بعده نوائب أخرى سئمت نفسك الحياة وملَّت فاصطبر وانتظر بلوغ الأماني فالرزايا إذا توالت تولَّت وإذا أوهنت قواك وجلت كشفت عنك جملة وتخلَّت وما قيل فى الصبر والتصبر أكثر من أن يحصى وفيما سبق عبرة كافية. البشرى السادسة عشر بشريات أسرار وأنوار الدعاء وهنا تأتى بشرى كلِّ لحظة من لحظات حياة المؤمن حتى يلقى الله ألا وهى بشرى الدعاء فالمسلم أمام تصاريف القضاء والقدر فى كل وقت يقف مفكِّراً وكثيراً يقف متحيِّراً فيتلقَّاه بهذه الهدية التى كلها أملٌ وفتحٌ وفرج فيبشِّره بعبارة كلها أسرارٌ وأنوار فيقول{لاَ يَرُدُّ القَدَرِ إلاَّ الدُّعَاءُ }وفى رواية{لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إلاَّ الدُّعَاءُ} فلكى يحظى المؤمن بالبشرى الباطنة فى تلك الكلمات العظيمة فلابد أن يلزم باب التقوى ويرضى عن مولاه بما قسم له فى دنياه من حال حسن يرضاه فى وجوده أو أخراه أو بأن يدفع الشر عن نفسه وما ومن ولاه عليه الله إن كان فى دنياه أو دينه وأخراه بالمشى فى الأسباب بشرع كتاب الله وسنة حبيبه ومصطفاه ثم يلزم باب الدعاء بما ورد من كتاب الله عن أنبيائه ورسله أو أوليائه وأحبابه مما ذكر الله أو أورده حبيبه ومصطفاه من الأدعية التي أمر بها الأصحاب وسنَّها للأحباب أو يدعو بما فتح به الله عليه فكلها مجابة بشرط صدق الإضطرار إلى جناب الله ونفض اليد من سواه{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}وللإمام الشوكانى يقول : لا أَتْركُ الإلْحاحا مَسائِيَ والصَّباحا وأَوْضَحَ النّهارِ وظُلْمَةَ الأسْحارِ حَتَّى أَرَى الإجابَه تأتي بلا اسْتِرابَهْ أَرْجوكَ يا رَبَّ السَّما بأنْ تُجيبَ كُلَّ ما أَدْعو بِهِ مِنْ حَاجَهْ طالَتْ بِها اللّجاجهْ وَمَا أَرَى لِي مَنْهَجاً إِليْكَ إلاّ بالرَّجا ولَمْ يكُنْ لي عَمْلٌ يُرْجَى بِهِ الْتّوَسُّلُ فإِنَّني مُخَلِّطُ مُقَصِّرٌ مُفَرِّطُ ولأبى العتاهية من أرجوزة خماسية له بلغت أربعة ألاف بيت : أدعوك يا ربي بما دعوت به وكل ما تحب أن تسأل به وكل ما تجيب من دعاك به معتقداً لكل ما أمرت به ذخيرتي أنت ونعم المدخـــر ملأت قلبي منك خوفاً ورجا جعلت حسن الظن فيك معرجا فاجعل لنا من كل أمر مخرجا وحاجتي ربي النجا فيمن نجا وأنت يا رب عليها مقتـــدر وقال القائل الحكيم فيمن استهون فعل الدعاء أو أثر الرجاء وهذا القول لكل من انتقص من شأن الدعاء سواءاً كان ذلك تقليلاً لشأنه أو استبطاءاً لأثره فقال: أتهزأ بالدعاء وتزدريه وماتدري بما صنع الدعاء سهام الليل نافذة ولكن لـها أمد وللأمد انقضاء فيمسكها إذا ما شاء ربي ويرسلـها إذا نفذ القضاء وللدعاء يا إخوانى أسرار جمة وبشريات لا تعد ولا تحصى ولوجلسنا نفصِّل بشريات الدعاء ما انتهينا لأن الله ما ترك داءاَ إلا وأنزله بأحد من الرسل أو الأنبياء ثمَّ بيَّن لنا فيه النموذج القرآني الذى اتبعه النبى فحصل له الشفاء ففى كل قصة من قصص الأنبياء بشرى من بشريات الدعاء وسأسوق لكم بعض الأمثلة فقط للدلالة على بشريات الدعاء من أدعية الرسل والأنبياء وفى هذا كفاية للعقلاء وسأختار نموذجين من النماذج التى تحدث لكثير منا وقد تظلم الدنيا فى أعينهم ويظنون بالله الظنونَ وفرج الله وبشراه أقربُ مما يظنون فإذا كان أحدنا مغاضباً استولى عليه الإحباط وأصيب ببعض قنوط أو يأس أو ضيق فى الصدر أو شك فى النفس فعليه بهذا الدعاء يكرره بصدق كما جاء فى قرآنه{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}وقد قال الشاعر المعروف أسامه الشيرازى فى ذلك: إذا ما عَرا مالا أَطيقُ دفاعَهُ وأرْمَضَني الفكرُ المُسَهِّدُ والـهَمُّ دعوتُ الذي ناداهُ موسى لدفعِ ما يحاذِرُ من فِرعونَ فانفرَقَ اليَمُّ وناديتُ مَن ناداه ذو النُّونِ واثِقاً به في ظلامِ البَحرِ فانكشَفَ الغَمُّ وقال الحكيم فى سر الكنز الذى يذهب مع المؤمن حيث ذهب ولا يستطيع أحد أن يسرقه وكلما أنفقت منه ربا وزاد وعليك بالخير عاد ألا وهو الدعاء: وَكَنزاً لا تَخافُ عَلَيهِ لِصّاً خَفيفَ الحَملِ يوجَدُ حَيثُ كُنتا يَزيدُ بِكَثرَةِ الإِنفاقِ مِنهُ وَيربو أَن بِهِ ربَّا وثقتا فادع ُالله فى الظلمات وأجأر وَأَخلِص في السُؤالِ إِذا سَأَلتا وَنادِ إِذا سَجَدتَ لَهُ اِعتِرافا بِما ناداهُ ذو النونِ بنُ مَتّى وَلازِم بابَهُ قَرعاً عَساهُ سَيفتَحُ بابَهُ لَكَ إِن قَرَعتا ونموذج آخر من بشريات الدعاء وبشرى عظيمة من بشريات استجابة الرجاء فإذا كان الرجل محروماً من نعمة الولد فالكل يعرف الطريق بالذهاب لطبيب وبذل البعيد والقريب ولكن الناس تنسى الإخلاص فى الدعاء والإلحاح مع الرجاء وتعتقد أن الطبيب لديه الشفاء والطبيب لديه الدواء أما الشفاء فمن خلق الأرض والسماء وجعل الشفاء فى أشياء وهدى إليها الأطباء وأعمى عنها من شاء فعلينا مع الذهاب للأطباء وأخذ الدواء أن ندعو بدعوة أبى يحي زكريا فيستجيب الله للدعاء مع الدواء وإخلاص الرجاء ويهب من الأبناء ما يشاء لمن يشاء حيث قال فى كتاب الشفاء{ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ } طالَعُ السَّعدِ بِالمَيَامِنِ حَيا وَاضِح البِشرِ مُستَنير المُحيَا حِينَ قَالَتْ لَدَى الوِلادَة يَا بُشرَايَ هَذا غُلامٌ قلنَا رَضِيا فَجَرى الفَالُ بِابنِ يَعقُوبَ بَدءاً وَتَنَاهَى بِابنِ النَّبِي زَكَرِيَّا ذَاكَ رجاء كلِّ مُؤمِنٍ مَقْطُوعٍ إذاَ مَا قَالَ رَبّ هَبْ لِي وَليَّا يَا أبَا يحيى بشراك فُز بولدٍ لَمْ تَكُنْ بِالدُّعَاءِ فِيهِ شَقيَّا ومن يقدر أن يمنع فضل ربى وَوَهَبنَا لَهُ غُلاماً زكِيا وقال أحد الحكماء فى أسرار وأنوار وبشريات الدعاء: لي تنزل بقابل التوب معط أقبلن بي إليك طال صدودي واجهني بوجه رب غفور أكرمني بالفضل لا بالجهود أسعدني بما تحب أقمني في شهود الأنوار سر الوجود مذنب فاقبلن إلهي متابي وارض عني لأدخلن في العبيد [1] للطبراني في الأوسط عن جابر، ابن عساكر عن ابن عباس [2] أخرجه البخاري ومسلم عن أبى ذر وعن عن عبد الله بن قيس وفيها روايات عديدة بطرق مختلفة [3] عن أبى سعيد، سنن الترمذي، قال أبو عِيسَى : وفي البابِ عن أَنَسٍ هذا حديث حسن صحيح [4] حديث القدر رواه الحاكمُ في المستدرك وابنُ حِبَّانَ في صحيحه ورواية القضاء أخرجها ابن المبارك في رقائقه والكل عن ثوبان
| |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق الأربعاء فبراير 15, 2012 11:45 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم البشرى السابعة عشر بشرى التوفيق هذه البشرى هى بشرى تثلج القلوب وتريح النفوس ودعونى أسألكم: لماذا اتَّبع الناس منذ عهد الحبيب الصالحين ؟ ذلك لأنهم حكماء فى كل أمورهم من قول وفعل وحال ومشورة والحكمة فضل من الله يمُن بها على من يشاء من عباده بفضله وجوده ورحمته ولذلك نجد الحكماء يُلخِّصون لنا الكثير من المعانى والقول فى القليل من اللفظ أو فى قليل من العمل أو الحال مما يَعْظم به الأجر ويُرفع به شأن العبد عند ربه بهذا القليل الذى قدَّمه لمولاه والسر فى بشرى التوفيق قال حبيبى وقرة عينى{قَلِيلُ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعَقْلِ}[1] ولكى نفهم سر هذه البشرى أقول لكم ياهناء وسعد من رزق التوفيق فربما يُحصِّل المرء أمثال الجبال من العقل أى العلم لكنه لا يُوفَق للعمل ببعضها فلا ينال فى الدنيا ما يرجوه ولا فى الآخرة ما يتمناه عند مولاه جل فى علاه وربما يُحصِّل المرء حكمة واحدة ويوفقه الموفق للعمل بها فينال بسببها بركات الدنيا وسعادة الآخرة والمقام العظيم الذى يهواه ويتمناه فؤاده عند مولاه ولذلك اتبع الناس الصالحين والحكماء الربانيين من أجل هذا المراد فقد اختصر الله لهم الكلام اختصاراً واختصر لهم الفعال واختصر لهم الأحوال اقتداءاً بسيدنا رسول الله سيد أهل الكمال حيث قال{أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ وخَواتِمَهُ واخْتُصِرَ لي اخْتِصَاراً}[2] ودليل آخر لأهل اليقين الذين يريد الله لهم الرسوخ والتمكين لهم فى المقام الأمين وهو "التوفيـــق" أن يرزقهم الله ويجعل حظهم بين أهل عنايته التوفيق وذاك قليل حتى للكُمَّل من أهل الطريق فإن أهل مقام التوفيق فى كل زمان ومكان قلَّ ونُدْرٌ لأن الله لم يذكر التوفيق إلا مرة واحدة فى كتابه وعلى لسان نبى من أحبابه{وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}فالتوفيق بالله فالعبد الذى فنى عن نفسه وأحياه به ربه فدخل فى قول الله{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}فتولاه مولاه فأصبح هو الذى يحرِّكه ويُسَكنه وهو الذى ينطق على لسانه ويحرك أعضاءه ويده وبنانه وهو الذى يتولاه فى كل شئونه فيوفقه الله فى كل الأمور فإذا نظر فى الحاضرين معه أو حدثهم اسمع ماذا يقول فيه الحبيب{احذَرُوا فِرَاسَةَ الـمؤمِنِ فـإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ الله وَيَنْطِقُ بِتَوْفِـيقِ الله}[3]فينطق بالكلام الذى يصادف ما فى القلوب فيقول بعض من فى المجلس كأن المتحدث عرف ما فى نفسى فهو عبدٌ موفقٌ تولاه الله بتوفيقه فى نطقه ونظره وإشارته ومشورته والله تعالى يكرمه بهذا وأكثر تأييداً له منه وولاية له منه ورعاية له منه جلَّ فى علاه فمن حظى بنور تلك البشرى وبركاتها وأسرارها يصير فى مقام التوفيق فلا يقطع أمراً إلا ويوفقه الموفق ولا يُصدر قولاً إلا وفيه الصلاح والنجاح والفلاح ولا يُستشار فيشير إلا ويشير بما فيه النفع فى الدنيا والآخرة لأن الله تولاه بتوفيقه وذلك أعلى التأييد من الحميد المجيد لمن اصطفاهم الله وهداهم فى هذه الحياة، ولذلك عندما ارتقى نفر من أصحاب رسول الله إلى هذا المقام قال فيهم{حُكَمَاء عُلَمَاءُ كادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِـيَاء}[4]ولبهاء الدين الرواس قصيدة من شعر الرجز يقول فيها فى بيان التوفيق من الله فى الفعل وإجابة الدعاء وإصابة الأفعال أسماها: واللـه لولا اللـه ما اهتدينا : واللـه لولا اللـه ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا فأنزلن سكينةً علينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا يا ربَّنا يا واهب العناية يا رازق التوفيق مع العناية من برِّك التوفيق والـهدايه فأوصلن منك الـهدى إلينا إجابة الدعاء يا ستار شأنك للداعين يا غفار بذا أتي الآيات والأخبار ونحن عن محمَّدٍ روينا يا ربنا ندعوك بالقرآن وبالنبي الطاهر العدنان عمِّر لنا القلوب بالإيمان حتى نقرَّ بالقبول عينا والأمثلة لا تنتهى فى بشريات التوفيق فى الدعاء وتحقيق الآمال وإجابة الرجاء من خالق الأرض والسماء ومن أكرم وفق للدعاء فلا يحتاج إلى مزيد العناء قيل: وقد صح أن اللَه في كل ليلةٍ إذا ما بقي ثلث من اللَيل ينزل إلى ذي السما الدنيا ينادي عباده إلى أن يكون الفجر في الأفق يشعلّ يناديهم هل تائب من ذنوبه فاني لغفار لـها متقبل وهل منكم داعٍ وهل سائل لنا فاني أجيب السائلين وأجزل وقد فطر اللَه العظيم عباده على أنه من فوقهم فلـهم سلوا لـهذا تراهم يرفعون أكفهم إذا اجتهدوا عند الدعاء ويفعلوا أقروا بهذا الاعتقاد جبلـه ودانوا به ما لم يصدوا ويخذلوا على ذا مضى الـهادي النبي وأتباعه خير القرون وأفضل البشرى الثامنة عشر بشرى الإخلاص أما هذه البشرى فبشرى السرِّ الذى به يصير لكل عمل شأن وقدر مهما صغر فى عين صاحبه! ولكنه بهذا السر يعظم عند الله شأنه وقدره إنه الإخلاص تحتاج القلوب للإصلاح وإصلاح القلوب هو أول جهاد يجاهد فيه العبد والتوفيق الذى ذكرنا من الله لهذا العبد إذا كان محبوباً أن يوفقه لأول خطوة فى الطريق فيصلح قلبه وعندها يصير عمله خالصاً لوجهه الكريم ويصبح من أصحاب البشرى وهى التى زود بها رسول الله سيدنا معاذ بن جبل لما أرسله لليمن فقال له سيدنا معاذ: أوصنى يارسول الله فأجابه موصياً ومبشراً له ولنا على مرِّ الزمان{ أَخْلِصْ دِينَكَ يَكْفِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَمَلِ}[5]ويؤكد على أهمية الإخلاص ويبشر أصحابه بالفلاح والخلاص فيقول أيضاً{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَخْلَصَ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ}[6]ولذا أكثر العلماء من تكرارهم لحديث النبى والذى فيه المقياس لكل عبد أحبَّ أن يكون من الخواص أو أراد أن يرى أين هو بين الله والناس فقال{مَا أَخْلَصَ عَبْدٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا إِلاَّ ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ}[7] فهؤلاء المخلصون أصحاب هذه البشرى العالية الراقية هم من القوم الذين عناهم الله تعالى وقال فيهم الله لحبيبه ومصطفاه{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} لا يريدون دنيا ولا خلقاً ولا رياءاً ولا سمعة ولا يريدون لا أجراً ولا جنَّة ولا ثواباً وإنما يريدون وجه الله أخلصوا قلوبهم ومقاصدهم فلا يبغون من العمل إلا رضاه جلَّ فى علاه، وهذه مرتبة عليا وهى التى إذا وقف الإنسان على عتبتها المقدسة يكفيه قليل العمل وعندها يمن الله عليه صاحب القلب المخلص ويشهده من فتح الله ومن عطاءات الله ومن إكرامات الله ما لا عدَّ له ولا حدَّ له ويدخل فى قول الله{لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ}{لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}أى لهم زيادة عن النعيم المقيم فى جنَّة القرب والتكريم عند العزيز الحكيم فهذه البشرى يا إخوانى هى الأصل الأول الذى عليه المعول لمن أراد إصلاح أحواله فى دنياه ورفعة شأنه عند الله وأن يكون من أهل الدرجات العلى وأن يحظى بمقامات الفتح ثم الإخلاص فيه ومما قال الصالحون فى سر الإخلاص ننتقى شعراً للإمام الصنعانى يقول: فما سوى طاعته من مطلب فاحرص عليها فهي خير مكسب والأصل إخلاص الفتى للنية بقصده لوجه رب العزة فكل من أخلص في أعمالـه نال الذي يرجوه في مآلـه ينزل حقاً في جوار المصطفى وحسبنا اللّه بهذا وكفى صلى عليه اللّه كل ساعة ولا حرمنا الفوز بالشفاعة وآلـه وارض ما عشت على أصحابه ذوي التقى والنبلا ومن أجمل ما نظم فى فضل الإخلاص قول الإمام الشوكانى: وَمَنْ أَخْلَصَ الأَعْمالَ للـهِ لم يُبَلْ وإنْ أَرْعَدَ الأَعْدا عَلَيْهِ وأَبْرَقوا وَمَنْ كانَ مَطْوِيّاً على الْغِشِّ قَلْبُهُ يُراعُ لأَدْنَى ما يُقالُ وَيَفْرَقُ | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في الأخلاق الخميس فبراير 16, 2012 10:42 pm | |
| بشائر الفضل الألهي في الأخلاق البشرى التاسعة عشر:-
بشرى مودَّة قربى الحبيب
كلنا ليس فى حاجة إلى من يذكره بحبِّ رسول الله
وآل بيته الأطهار لأن هذا محفورٌ فى قلوبنا
وواضح لنا وضوح الشمس ولكن البشرى التى أريد أن أتحفكم بها هنا أبدأها بسؤال؟ ثم تكون
البشرى هى الجواب أما سؤالى لكم فهو : كيف
يستطيع أحدنا أن يوفِّى رسول الله شيئاً من حقه
علينا لما قام به نحونا ماذا نملك له لنثيبه على ما
أدَّاه لنا أجمعين والجواب : لا شيىء ولا حتى
ذرة نستطيع أن نوفيه حقه علينا فنحن لا نملك إلا
الدعاء له والصلاة عليه وما هى إلا طلبات
نطلبها من الله له فنقول : يارب إعطه كذا وصله
بكذا عدد كذا وكذا فهل فعلنا شيئاً إلا السؤال
وهذا الدعاء وتلك الصلاة يثيبنا الله عليها الأجر
والفضل العظيم فنحن المستفيدون والله هو
الفاعل فماذا أدينا نحن بأنفسنا نحوه؟هل وعينا
السؤال؟ورأينا مأزق الإجابة وهنا تأتى البشرى
التى يفتح لنا الله فيها باباً ندخل منه لنحاول أن
نردَّ له قدراً ضئيلاً من أفضاله علينا نردُّه له فى
قرابته وعترته لأن كلَّ مسلم يتخيل ويقول آهٍ لو
كان حبيبى حيّاً اليوم لقمت له بكذا وكذا فيقول لنا
الحق: أبشروا لا عليكم هاكم عترته وقرابته
فأرونى حبكم له فى مودتكم لهم وحبكم إياهم
تكونوا قدمتم شيئاً مما ترغبون للحبيب فيقول الله
لنا فى تلك البشري على لسانه الشريف{قُل لَّا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}فلكى
يكونوا من أهل هذه البشرى عند الله الذين
يريدون أن يظهروا حبهم لرسول الله فعليهم أن
يحرصوا على محبة آل بيته الأطهار وعترته
الأخيار فى كل البلاد والأمصار ومحبة كل من
ينتسب إلى الحبيب أو يلوذ به وآله وأصحابه
والصالحين المقتدين بهديه والمحبين له
والعاشقين له وليحبونهم حبَّاً أعلى من حبِّهم
لأهلهم وأبائهم فالقربى فى الآية كما أشار العلماء
أهل العناية تعنى ذوى رحمه أو ذوى قرباه أى
المقرَّبون من حضرته فتشمل ذوى القربى
جسمانياً الصادقين فى اتباعهم لحضرته أو ذوى
قرباه روحانياً ونورانياً وهؤلاء أعلى فى الرتبة
والفضل أو ذوى قرباه روحانياً وجسمانياً وهؤلاء
أهل الكمال ولذا قال: معلماً الأمة
{أَدبُوا أَوْلاَدَكُمْ عَلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ حُب نَبِيكُمْ
وَحُب أَهْلِ بَيْتِهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ}
[8] ولبهاء الدين الرواس فى مودتهم وحبهم قصيدة تقول:
أحباب قلبي والمحبَّةُ دينها يصيِّرُ مرَّ الوجد في
أهلـه عذبا
روينا لكم في محكم النصِّ آيةً تزيدُ المحبَّ
المستهام بكم عجبا
وهل سأل المختار أجراً على الـهدى لأُمَّته إلا المودَّة في القربى
ألا يا مثير العيس ينحو واسطا ويقلق في تلوين انَّته الركبا
إذا ما وصلت الحيُّ فاهدأ وخذ بها نقيلاً وخلِّ الخفَّ وانتعل الدربا
البشرى العشرون:-
بشرى فضل الإصلاح والتأليف بين الإخوان مع مدارة الخلق
وهى من عيون البشريات التى لا يتنبه إليها
الكثيرون من المسلمين إذ قال الحبيب المصطفى
ليشجع المسلمين على حلِّ خلافاتهم ورأب صدع
علاقاتهم.
{ليسَ بالكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بينَ الناسِ فقالَ خيراً أَوْ
نَمَى خيراً}
[9]{رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمانِ بالله مُدارَاةُ النَّاسِ
وأهْلُ المَعْرُوف في الدَّنْيا أهْلُ المَعْرُوفِ في
الآخِرَةِ}
[10]فلكى ندخل للبشرى فلابد أن نفهم أنه من أول
أسس السلوك لملك الملوك أن يحرص السالك فى
جهاده لنفسه على أن يكون دائماً بلسماً شافياً
لجراح إخوانه فيشفى الصدور من الأحقاد وينزع
من النفوس الغلَّ لا يرتاح إذا وجد متخاصمين إلا
إذا أصلحهما لا يسكن ليله أو نهاره إذا وجد
خلافاً بين أخين إلا إذا ألَّف بينهما لماذا؟
لأن رسالة المحبين التأليف بين قلوب المحبين
وهذا يحتاج لكثير من العقل والحديث والمداراة
والتفاهم والحرص على التأليف والتحبيب ونزع
فتيل الأزمة باللسان والعقل الجميل واسمعوا
لقوله تعالى فى كتابه الكريم{إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}
وظيفة من هذه؟وظيفة رسول الله وورثته وأحبابه
والماشين على نهجه.
والوظيفة المخالفة وظيفة من؟إبليس فهو يسعى
للتلبيس بين الإخوان وللإيقاع بينهم وإلى إيجاد
الشحناء فى نفوسهم وإيجاد البغضاء فى
صدورهم فوظيفتنا التأليف بين قلوب المؤمنين
والحرص على المودة بين السالكين فبشرانا هنا
أنك تتوظف فى وظيفة الرسل والأنبياء و تتشبه
بسيد الخلق من مدحه مولاه بأنه النعمة التى
جعلهم الله تعالى بفضلها إخوانا فيجب على كل
مسلم أن يستفيد من تلك البشرى كيف؟
يعقل الحديث إذا لزم نقله فيخرج منه الهنات التى
تؤدى إلى التشاحن والبغضاء وزيادة الفرقة بين
الخلان والإشقاء ويضع النية ويعزم الطوية على
التقريب بين إخوانه وحسن نقل الأخبار من بينهم
لتزول العكارات من علاقاتهم وتصفو نفوسهم
وليهنأ فاعل هذا بأن رسول الله ينفى عنه صفة
الكذاب ويلحقه بأهل الصدق والأحباب ويصير
فاعلاً لوظيفة من وظائف النبى الواردة فى
صريح الكتاب فهذه من أعظم البضاعات التى
نتقرب بها إلى الله وتحتاج إلى جهاد عظيم فى
أطوار السالكين كيف ذلك؟
لأن النفس دائماً تحاول أن تُخرج المرء من طور
السلوك بتزيين الغيبة والنميمة والإيقاع بين
المؤمنين وتتبع عورات إخوانه المؤمنين
والعلماء فكل من رأيته يتتبع سقطات إخوانه
فاعلم أنه ساقطٌ من عين الله وكلما تذكر له أخاً
تجده يسارع فيذكر مساوءه وعيوبه
وكما يقول الحكيم :
وستراً لعورات الأحبة كلهم وعفواً عن الزلات
فالعفو أرفق
وكل الأحباب و الإخوان فى رعايتهم لأنفسهم
ولبعضهم وحرصهم على كل واحد فكلهم أشبه
الناس بالسلف الصالح وأساس تعاملاتهم مع
بعضهم هى قول: النبى{الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ
يَسْعَى بِذِمِّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ
عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعَفِهِمْ
وَمُسْرِعُهُمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ}
[11]هل رأيتم إذاً كيف يصبح المسلمون وحدة
واحدة متكافئة متكاتفة متفاعلة ومتحققة بذلك فمن
يقدر علينا من أعدائنا إذا كنا كذلك؟
قال القائل الحكيم فى مقام المصلحين بين الخلان
وسبيل التوفيق بين الإخوان:
خيرُ الأَنَامِ سادتهم وفاضِلُهم المصلحون ولا
تَستَثْني لى أَحَداً
مِنْ أَصْلَحَ الحالَ منهم بعدمَا فَسَدتْ هوت عروش
قومٍ إذ حالهم فَسَدا
من أيقظوا العقل فيهم بَعْد رَقْدَتِه وأحيوا شعار
الحب بعدما كسدا
وردَوا عنهم شياطِيناً وقد مَردَت تقطِّع حبال الود
وتمنع الرشدا
فمشى بلسان الصلح حسَّنه وألبسه ثوب المدارة ما
كذب من اجتهدا
وألقى بذور الود فيهم وأرواها حلو اللسان فشوك
القوم منحصدا
وقال الرجل الآخر فى وصف الفرقة وأثرها
وأسلوب جمع الشمل:
مزقتم شمل هذا الجمع بينكم كل لـه عصبة أهل
وخلان
وكلكم قد رقى في نسج حجته مراقياً ما رقاها قبل
خوان
فما الإِمام ملام في رعيته بل الجميع سواء فيه
أعوان
فقدموا العدل والإِنصاف في ظُلًم قد طال منكم لـها
قهر وعدوان
ثم أصلحوا بعد هذا ذات بينكم تفلحوا وانصحوا
من خين أو خانوا
تصبحوا قوةً بعد أعواد مفرقة أيدي سبا ما لـها
وزن وأبدان
إذا اجتمعتم لإصلاح شأنكم فلا جنٌ عليكم يقوى لا
حىٌ وإنسان
واجمعوا شريداً فإن يرجع فذلكم وداروا أولى
عجز الفهم ما بانوا
فهيا بنا أُخيَّة للإصلاح قد راحت الفرقة بما
صنعوا وما زانوا
[1] رواه ابن عساكر عن أبى الدرداء برواية "
قَلِيلُ التَّوْفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْعَقْلِ "
[2] رواه أبو يعلى عن عمر بن الخطاب . [3] (ابن جرير) عن ثوبـان ، الفتح الكبير
[4] زاد المعاد فى هدى خير العباد لإبن القيم
الجوزية
[5] ابن أبى الدنيا فى الإخلاص.
[6] عَنْ أَبِي ذَرٍّ رواه أحمد والبيهقي
وتمامه
{وَجَعَلَ قَلْبَهُ سَلِيماً، وَلِسَانَهُ صَادِقاً، وَنَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةً،
وَخَلِيقَتَهُ مُسْتَقِيمَةً وَجَعَلَ أُذُنَهُ مُسْتَمِعَةً وَعَيْنَهُ
نَاظِرَةً فَأَمَّا الأُذُنُ فَقَمْعٌ وَالْعَيْنُ مَقَرَّةٌ بِمَا يُوعِي
الْقَلْبُ، وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ قَلْبَهُ وَاعِياً }.
[7] مصنف ابن أبي شيبة عن سيدنا مكحول [8] الشيرازي في فَوَائِدِهِ وللديلمي في مسند
الفردوس وابنُ النَّجَّارِ عن عَلِيٍّ جامع المسانيد
والمراسيل [9] أخرجه مسلم في الصحيح من حديثِ ابنِ عُلَيَّةَ
عن مَعْمَرٍ، سنن الكبرى للبيهقي
[10] (ابن أبي الدنيا في قضاءِ الحوائج) عن ابن
المسيب مرسلاً الفتح الكبير ومجمع المسانيد
والمراسيل.
[11] سنن أبى داوود عن عمرو بن شعيب. | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإهي في المعاملات الجمعة فبراير 17, 2012 9:49 pm | |
|
[size=25] [size=29]بسم الله الرحمن الرحيم [/size]
[size=25][size=29]البشرى الحادية والعشرون:- [/size][/size]
بشرى فضل ترك حبِّ الشهرة
وهذه البشرى يا إخوانى من البشريات التى نحتاج لها بشدة هذه الأيام لماذا؟ لأن كل واحد يعمل صالحاً أو طيباً فى نفسه أو لغيره تقوم عليه نفسه وتأخذ تزين له الأسباب والأعذار ليعلم الناس بما خفى من حاله أو بما قام به نحو أحبابه أو مجتمعه وخلانه والأعذار كثيرة والمجتمع يحتاج للكثير من العمل وهذه الخصلة السيئة تفتح على الأمة والأفراد أبواباً من الشرور لا عدَّ لها ولا حصر لأنها تفتح باب الأنانية وحب مصلحة النفس وحب مدح الناس وإنشغال أهل قضاء المصالح بحبِّ ذكر الناس لهم وتقديمهم ثم انتفاعهم فى مقابل قضاء مصالحهم هذه الخصلة الذميمة تفتح باب الرشوة والنفاق والمجاملات الكاذبة والفارغة ولذلك بشَّر الحبيب ال كلَّ من يعمل مراقباً مولاه لا يبغى سوى رضاه ومصلحة أهله وإخوانه ومجتمعه بشرهم بحب الله وما أعلاه فقال{إِنَّ اللّهِ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ}[1]ألا يكفى أحدكم أن يحبَّه الله فيطلب حب الشهرة والذكر بين الناس ألا يكفى أحدكم بشرى الذكر فى الملأ الأعلى على لسان مولاه فينادى الله جبريل أنه يحب فلاناً ويأمره بحبِّه فينادى جبريل ويأمر أهل السماء بحبه ثم يوضع له القبول فى الأرض بسرِّ الله وقدرته فيحبه أهل الأرض لماذا؟ لأنه طلب حبِّ الله وذكر مولاه أما من أحبَّ أن يذكر الناس أعماله أو يتحدثون بخصاله وفعاله أو تقواه وأحواله فهو على خطر عظيم إسمعوا إلى الحبيب يحذِّر من ذلك بشدة ويقول{إنَّ الاْتِّقَاءَ عَلَى الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الْعَمَلَ فَيُكْتَبُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِي السِّرِّ يُضَعّفُ أَجْرُهُ سَبْعِينَ ضِعْفاً فَلاَ يَزَالُ بِهِ الشَّيْطَانُ حَتَّى يَذْكُرَهُ لِلنَّاسِ وَيُعْلِنَهُ فَيُكْتَبَ عَلاَنِيَةً وَيُمْحَى تَضْعِيفُ أَجْرِهِ كُلِّهِ ثُمَّ لاَ يَزَالُ بِهِ الشَّيْطَانُ حَتَّى يَذْكُرَهُ لِلنَّاسِ الثَّانِيَةَ، وَيُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ، وَيُحْمَدَ عَلَيْهِ فَيُمْحَى مِنَ الْعَلاَنِيَةِ، وَيُكْتَبَ رِيَاءً، فَاتَّقَى اللَّهَ امْرُؤٌ صَانَ دِينَهُ وَإنَّ الرِّيَاءَ شِرْكٌ}[2] وأخطر من إعلان العمل وكشفه أن يعمل الواحد العمل فى منفعة نفسه أو أهله أو مجتمعه بغرض أن يتحدث الناس عنه بذلك فهذا أشدُّ و أنكى لماذا؟ لأنه يعمل رياءاً وهذا ما حذَّر منه الحبيب لأنه عمل سراً فأخذ أجراً مضاعفاً ثم أعلنه فخسر مضاعفة الأجر وصار علانية ثم استحب مدح الناس فتكلم وذكر ما عمل ليمدحوه فصار والعياذ بالله رياءاً وسمعة وشهرة أويس القرنى كم مجلساً حضرها مع النبى؟لم يحضر معه أى مجلس إذاً كيف أوصى النبى الصحابة أن يذهبوا إليه ويطلبوا منه أن يستغفر لهم؟وظلا عمر وعلى يبحثان عنه فى كل عام فى الحج إلى أن التقياه بعد جهد جهيد لأنه غير معروف فى قومه فطلبا منه أن يستغفر لهما وهما المبشَّران بالجنة لكن سيدنا رسول الله يعلِّمنا أقدار الرجال من الأتقياء الأخفياء المخلصين الذين لا يهمهم معرفة الناس بهم وإنما كل نظرهم إلى مولاهم وكل محل إهتمامهم أن يقوموا لله مخلصين صادقين بما أوجبه الله عليهم نحو أنفسهم وأهليهم ومجتمعهم ولذا قال{إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي عِنْدِي لَمُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍ مِنَ الصَّلاَةِ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَأَطَاعَهُ فِي السِّرِّ وَكَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ لا يُشَارُ إِلَيْهِ بالاصَابِعِ وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبرَ عَلَى ذَلِكَ ثم نَقَرَ بإصْبَعَيْهِ فَقَالَ: عُجِّلْتْ مَنِيَّتُهُ قَلَّتْ بَوَاكِيهِ قَلَّ تُرَاثُهُ}[3] ويضيف الصالحون لذلك من آداب السلوك كلَّ من رأى نفسه أولى من أخيه بفضيلة أو مزية فيجب عليه التوبة وسد منفذ الغرور والاعتذار لإخوانه قولاً وفعلاً فيرى نفسه أنه ليس أهلاً لمكانته وينزل إلى خدمتهم أو يترك التكلم عليهم والتقدم عليهم حتى يقيمه إخوانه برضاء منهم وصفاء بعد أن يترك بيقين حبًّ الشهرة بين إخوانه المؤمنين ولذا قالوا{الخمولُ نِعْمَةٌ والكلُّ يأباها والشهرةُ نِقْمَةٌ والكلُّ يتمنَّاها} ولأبى الحسن الاحنف العكبري: من أراد العزَّ والراحة من هم طويل فليكن فردا من الناس ويرضى بالقليل ويرى أن قليلا نافعا غير قليل ويرى بالحزم أن الحزم في ترك الفضول ويداوى مرض الوحدة بالصبر الجميل لا يمارى أحدا ما عاش في قال وقيل يلزم الصمت فإن الصمت تهذيب العقول يذر الكبر لاهليه ويرضى بالخمول أي عيش لإمرى يصبح في حال ذليل بين قصد من عدو ومداراة جهول واعتلال من صديق وتجنٍّ من ملول واحتراس من عدو السوء أو عذل عذول ومماشاة بغيض ومقاساة ثقيل إن من معرفة الناس على كل سبيل وتمام الامر لايعرف سمحا من بخيل فإذا أكمل هذا كان في ظلٍّ ظليل [size=25][size=29]البشرى الثانية والعشرون:- [/size][/size][size=25][size=29] بشرى ترك الفضول[/size][/size]
وهنا بشرى نحب أن تشيع بين الناس فكلُّ واحد منا يحبُّ أن يحسن إسلامه ويرقى حاله ويزيد قرباً من سيده ومولاه فتأتى له بشرى الحبيب الطبيب تقول له{مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ}[4]وحتى يحسن إسلام المرء فلابد للسان ألا يتحرك إلا على الهدى المستقيم فلا يدخل فيما لا يعنيه فصاحب فضول ليس له نصيب فى الوصول إلا إذا اجتث من نفسه ومن قلبه كل آلات الفضول ولا يبقى له فضول إلا فى أحوال الصالحين وفى رؤية سيد الأولين والآخرين وفى المعانى العلية المبثوثة فى كتاب ربِّ العالمين لكن الفضول فيما فى أيدى الخلق أو ما على أجساد الخلق أو فيما يسكنه الخلق فلا شئ ينفعك من ذلك خبرونى بالله عليكم ما نفع أن تعرف ما دار بين أخيك وزوجه؟ إذا لم يطلعك هو بنفسه أو ما قال فلان لآخر؟ سيشغل إبليس قلبك بهواك فتضل وتزل وتنشغل جوارحك الظاهرة والباطنة بأسرار لا تنفع بل وستصبح مثل بالونة مليئة بعورات الناس وأخبارهم وتريد أن تتقيأها فى كل مكان تذهب إليه فتصير عند الناس قتاتا وممقوتاً ويغلق الله دونك أبواب القبول والوصول وكلُّ خيرٍ مأمول ولا يلبث الخلق أن يغلقوا أبوابهم بوجهك ولذلك روى سيدنا أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ{تُوفِّيَ رَجُلٌ فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ ورَسُولُ اللَّهِ يَسْمَعُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:أَوَ لاَ تَدْرِي؟ فَلَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ أَوْ بَخِلَ بِمَا لاَ يَنْقُصُهُ}[5] لأنه قد قال لهم محذراً ومنبهاً مراراً وتكراراً{إنَّ اللّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثاً: قِيلَ وَقَالَ وَإضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ}[6]وقيل فى مدح ترك الفضول : قطعتُ مطامعي واعتضتُ عنها عزيزاً بالقَناعَةِ والخُمولِ ورمتُ الزهدَ في الدنيا لأنّي رأيتُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في ترك الفضول وقال أحد الحكماء فى ترك الفضول أبيات ظريفة لأبنائه نذكرها : هذا وربِّ السماء أعـجـب مـن حمار وحشٍ في البر منـتـعـل أخاطبه يا عاقل كـي أسـائلـه مالك وما للخلق من شغل فقال يخشى فـوات حـاجـتـه أو ليس هذا من أفضل العمل فقلت لم يفت للمرء شأن الرب قدره بل قد يفوت بذنب الجسِّ والحيل فاترك شئون الخلق للرب خالقها إن الأذى كله من تلكم الـسبل فصد عني تغـافـلاً ومـضـى يعجب من عقلـه ومن خـلـلـي وصاح مـن خـلـفـه رويدك إنَ الفضول سرُّ النصر من قـبـل قلت إرجع إلـى قول الرسول تفز إن الفضول حبلٌ بالنار متصل أجب إذا ما سئلت مـقـتـصـداً في القول واسكت إن أنت لم تسل أنت بترك الفـضـول أجـدر لـو سلمت من خـفةً ومـن خـطـل أما بشرى ترك الفضول التى يفهمها الصالحون فلا تقتصر على ما مضى ولكن اسمع للعارفين إذ دأبوا على الحثِّ على ترك الفضول والبعد عن أخلاق الفضوليين الذميمة فيقول الشيخ ابْنَ الأَعْرَابِيِّ{الْمَعْرِفَةُ كُلُّهَا الاعْتِرَافُ بِالْجَهْلِ وَتَرْكُ الْفُضُولِ } ولذلك فإن من أعلى وأجمل ما قال العارفون فى ترك الفضول ما قاله أحد الحكماء فى بيان معنى ترك الفضول عند الصالحين إذ يوضح أن كل ما لا يسوق المرء لتهذيب النفس للوصول إلى الله هو من الفضول الممقوت والذى يجب تجنبه واستمتع بمعانى كلامه الراقى إذ يقول: هذب النفس إن رمت الوصول غير هذا عندنا عين الفضول حصل العلم بعزم صادق لا تكن في العلم كسلانا ملول علم النفس توحيد العلي من بيان الآي عن فرد قئوول حصل الأحكام بالقدر الذي يقتضيه الوقت لا قال يقول حسن النيات وانهج نهج ما صح بالإسناد تحظى بالقبول صاحبن أهل التقى والزمنهم واتبع نور الهدى فعل الرسول وادخلن حصن الشريعة واهجرن كل مفتون ومغرور جهول واصطف الرؤوف الرحيم اسع إلى من يزكي النفس عنه لا تحول رتل القرآن وافقه آية وافهمن سر الإشارة والفضول آثر الأخرى على الدنيا عسى يقبل الله فتحظى بالوصول وازهدن فيما يزول مسارعا للذى يبقى بأحوال الفحول أخلصن لله قلبا قالبا واسألنه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] منه والقبول بر أصليك القريبين ارحمن كل فرد منهما عند المحول فإذا صرت من أهل تلك الأخلاق العالية والآداب الراقية تزكو نفسك ويصير الشغل بذكر الله هو الأحب لقلبك فإذا شغلت نفسك بذكر الله وحب حبيبه ومصطفاه والرغبة فى معرفة أسرار التنزلات الرحمانية فى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فإن هذا بالطبع لن يستقيم لك إلا بدوام يقظة القلب و الإصرار على ترك الإشتغال بالخلق ولديها فتصير آلات استقبالك كلها موجهة للمصادر الربانية والفضائيات الإلهية السماوية وقنوات البث المحمدية العلوية لا للأوساخ الدنية والأخبار الدنيوية من القيل والقال أوكثرة السؤال عما لا يعنيك من الأحوال فهؤلاء الذين أكرموا هم مقتصدون حتى فى حديثهم فى كلام الواحد المتعال أو فى حديث الحبيب الأعظم أو سيرة الآل فكيف يستبيحون وقتهم فى الفضول أو اللهو فضلاً عن باطل أو قيل وقال بأى حال [size=25][size=29]البشرى الثالثة والعشرون:- [/size][/size][size=25][size=29] بشرى السلامة فى الصمت[/size][/size]
أما هذه البشرى فهى سرُّ من أسرار السلامة وتجنب الغى والعى والندامة ولذا بشَّر رسول الله سيدنا معاذ بالسلامة والنجاة فقال له ولنا ولمن يريدون النجاة والسعادة والسلامة إلى يوم القيامة{إِنَّكَ لَنْ تَزَالَ سَالِماً مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ}[7]ولذا نصحهم بوضوح لا يقبل الشك فقال{أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ}[8]أهذا صعبٌ أو ليس ممكناً قال الحكماء{ فعلٌ وليس بفعل به النجاة بالفعل علِّق باللسان ثقل أو ضع على الفم قفل} أفيعزُّ على أحدكم أن يسلم وينجو بغلق فمه فوالله لو عقل هذا أحد لصمت إلى الأبد فنجا ولم يكن مثله أحد إلا من فعل مثله أو زاد وما الزيادة إلا النطق عند الحاجة بقدر أما الفائدة الثانية فى بشرى الصمت أن الصمت سرٌّ من أسرار الوصول أوصى به الله وشدَّد عليه الرسول ونصح به كل عبد بالله موصول ولذا كانت المجالس العملية التى يرتفع بها أهل المعية إلى الدرجات العلية يقول فيها سيدنا أبو الدرداء{تعلموا الصمت كما تتعلمون الكلام فإن الصمت حكم عظيم وكن إلى أن تسمع أحرص منك إلى أن تتكلم ولا تتكلم في شيء لا يعنيك}[9] فكانوا يدخلون ورشة عملية يعلمهم فيها رسول الله الصمت كما نتعلم نحن ونعلم أولادنا الصغار الكلام ولذا كان ابن مسعود يقول فى الورشة العملية{إن كان الشؤم في شيء ففي اللسان}[10]وكانوا يستخدمون النماذج التعليمية فكان سيدنا أبو بكر يضع حجراً تحت لسانه فلا يتكلم إلا فيما يرضى الله فيسألونه ما هذا؟ فيقول وهو يشير إلى لسانه{هذا الذي أوردني الموارد}[11]{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}فكانت الورشة الأولى فى العبادة العملية التى كان يُشرف عليها خير البرية هى تَعَلُم الصمت ومن يدخل هذه الورشة يأخذ ما فيها من بضاعة بعد أن يُحَصِّل وفى النهاية يعطيه الله جزاء هذه الطاعة مع شهادة التخرج{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}وشهادة التخرج مكتوب فيها " حكيم" قال النبى{إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ أُعْطِيَ زُهْداً فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ فَإنَّهُ يُلَقَّنُ الْحِكْمَةَ}[12]وقال الشاعر أبو نواس فى شىء من شعر الحكمة : خلّ جنبيك لرام وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خير لك من داء الكلام ربما استفتحت بالنطــق مغاليق الحمام إنما السالم من ألــجم فاه بلجام وقال حكيم لأبنائه معلماً ومربيَّاً{يا أبنائى صمتٌ قد يعقبه ندامة خيرٌ من نطق يسلب السلامة }ثم أنشدهم قائلاَ: الصمت زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مكثاراً ما إن ندمت على سكوتي مرّة ولقد ندمت على الكلام مرارا وقالوا{لسانك سبْعٌ إن عقلته حرسك وإن أرسلته افترسك}وقيل{اخزن لسانك كما تخزن مالك واعرفه كما تعرف ولدك وزنه كما تزن نفقتك وانفق منه بقدر وكن منه على حذر فإن انفاق ألف درهمٍ في غير بابها أيسر من إطلاق كلمة في غير حقها} وقال الشاعر فى بيان خطر اللسان: احفظ لسانك واحتفظ من شرّه إنّ اللسان هو العدوّ الكاشح وزن الكلام إذا نطقت بمجلس فيه يلوح لك الصواب اللائح والصمت من سعد السعود بمطلع تحيا به والنطق سعد الذابح وقال بعض الحكماء عليك بالصمت وإن أصبت في القول وبرزت في الفضل: رب كلمة قلت جلبت المقدوراً خربت لك دوراً عمرت قبوراً فاحفظ لسانك أن تنال ثبورا إن المناطق تجلب المحذورا وللإمام الشافعى قول رائع فى ذلك اشتهر وذاع وروى لآخرين: احفظ لسانك أيها الانسان لا يلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
[1] صحيح مسلم عن عامر بن سعد. [2] رواه البيهقي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ الترغيب والترهيب [3] عن ابنِ عَبَّاسٍ جامع المسانيد والمراسيل، وكثير غيره. [4] رواه الإمام الترمذى فى سننه عَنْ أَبي أُمَامَةَ [5] عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، موطأ مالك ، وكثير غيره . [6] رواه الترمذي عن أنس وقال: حديث حسن غريب قال الحافظ: رواته ثقات الترغيب والترهيب [7] صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة. [8] سير أعلام النبلاء [9] عن معاذٍ للطبراني في الكبير وللبيهقي في شعب الإيمان جامع المسانيد والمراسيل [10] رواه أحمد والطبرانى عن عقبة بن عامر. [11] مكارم الأخلاق الخرائطي) [12] لأبي نعيم في الحلية وللبيهقي في شعب الإيمان عن أبـي هريرة فى جامع الأحاديث والمراسيل [/size] | |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في المعاملات السبت فبراير 18, 2012 5:49 pm | |
| البشرى الرابعة والعشرون:- [size=21][size=25] [size=29]بشرى الاستقـــامة أما بشرى الإستقامة فحدث ولا حرج على الفضل والكرامة فالإستقامة بشراها فوق كل حدٍّ أو علامة وأنا إن شاء الله سأدخل بكم على هذه البشرى من مدخل مختلف عما تعودتم عليه من تناول الشرَّاح للآية: فأسألكم يطوف بخيال أحدنا كثيراً فى مثل أيام الفضل من رمضان أو فى مواسم العفو أو أو قات الكرامة أو فى القيام أو أثناء التلاوة أين هو من أوامر الله أو تعاليم نبى الله؟ ما الدليل الذى يعلم به الإنسان أن الله اجتباه وحبَّاه ورقَّاه وأدناه؟ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}ماذا يقولون لهم؟{أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}فأول دليل أن يرزقه الله الاستقامة فى الأقوال والأعمال والأحوال وفى كل الأوقات وكل الآنات فهؤلاء الذين استقاموا وتنزلت لهم البشرى بالكرامة هم المؤهلون للمنح الذاتيَّة والنفحات الربانيَّة التى جهَّزها الله لأهل الخصوصيَّة فالإستقامة هى البشرى وهذا هو المدخل الذى أريد أن أدخلكم منه للآية وهى علامة للعطية والكرامة كالرؤيا الصادقة مثلاً وإذا لم يرزق العبد الرؤيا فيكفى أن يرى أن الله أعانه ورزقه الاستقامة وحفظ عليه أحواله وأقواله وجعله يمشى كما يقول الله{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى هو الصراط المستقيم لأن الاستقامة أعلى مقام وأعلى تكريم من الله للصالحين أبداً فالله لم يقل فاستمعوا له) بل قال {فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى على منهج الاستقامة فهى المنهج العظيم الذى يؤهل لكرم الرءوف الرحيم وإكرامات الرب الكريم وقد يكرم أحدهم فيسمع تسبيح الكائنات{مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}وهناك من يفقهه فيعَلِّمه الله لغات الأشياء حتى لغة الجمادات ويسمع نطقها بألفاظ فصيحات وفى ذلك يقول أحد الصالحين : نغمات تسبيح الكيان مدامى يصغى لها قلبى يزيد هيامى قلبى لدى التسبيح يصغى واجداً وجد المؤله من فصيح كلامى فيسمع تسبيح الكائنات أو الحقائق أو الملائكة وقد يكرمه الله بإكرامات القلب فيكون هذا القلب له إطلالة علوية على الأحوال الربانية وقد يكرمه الله بالإلهام وقد يكرمه الله بالسكينة تتنزل عليه على الدوام وقد يكرمه الله بالطمأنينة لذكر الله وقد يكرمه الله فيفتح له كنوز الحكمة فى قلبه وقد يكرمه الله فيُفرغ له من أسراره التى لا يُطلع عليها إلا خواص عباده وقد يكرمه الله فيجعل فى قلبه وسعة حقيَّة كما روى فى الأثر عنه عز وجل{إِنَّ السَّمواتِ والأَرْضَ ضَعُفْنَ عَنْ أَنْ يَسَعْنَني وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي المُؤْمِنِ الوَادِعِ اللَّيِّنِ}[1] إذاً قلب العبد المؤمن أوسع من السموات والأراضين ومن فيهن بما فيه من ألطاف إلهية خفية وعلوم ربانية وأسرار ذاتية وقال ابن الوردى العباسى فى المقارنة بين أحوال الصادقين المستقيمين الأولياء وغيرهم من أهل الدعوى الأدعياء فقال: ذهبَ الصدقُ وإخلاصُ العملْ ما بقيْ إلا رياءٌ وكسلْ غرَّكَ التقصيرُ مِنْ ثوبي فإنْ قُصِّرَ الثوبُ فقدْ طالَ الأملْ إنْ تأملتَ فزيِّي منهمُ غيرَ أَنَّ القلبَ مغناهُ طللْ رفَعَ الكَلَّ عنِ الكُلِّ وقال ربى الله تحامى كُلَّ كَلّْ ذَلَّ للـهِ فعزَّتْ نفسُهُ كلُّ مَنْ عزَّ بغيرِ اللـهِ ذَلْ فَهْوَ إنْ يعلُ فباللـهِ علا وَهْوَ إنْ ينزلْ فبالحقِّ نَزَلْ كسرَ النفسَ فصمَّتْ واتقى زخرف الدنيا وخيلاً وخَوَلْ بَذَلَ الروحَ ولولا عزُّ ما رامَ ما هانَ عليه ما بذلْ عرفَ المربوبَ بالربِّ فلم يخشَ إلا ربَّه عزَّ وجلْ ليتني في جسم هذا شعرةٌ صَغُرت أو طعنةٌ فيما انتعلْ بل مرامي لحظةٌ أو لفظةٌ مِنْ وليِّ اللـهِ مِنْ قبلِ الأجلْ هؤلاءِ القومُ يا قومُ مَضَوا ما تبقى منهمُ إلا الأقلْ فإلى اللـهِ تعالى أشتكي ما بقلبي مِنْ فتورٍ وخبلْ لو تقنَّعتُ أتى رزقي على رغمِهِ لكنْ خُلقنا مِنْ عجلْ كم رياءٍ كم مراءٍ كم خطا كم عدوٍّ كم حسودٍ لا يملْ ليس يخلو المرءُ عن ضدٍّ ولو حاولَ العزلةَ في رأسِ جبلْ لا أرى الدنيا وإنْ طابتْ لمن ذاقَها إلا كسمٍّ في عَسَلْ أين كسرى وهِرَقْلٌ أين مَنْ ملك الأرضَ وولَّى وعزلْ أينَ مَنْ شادوا وسادوا وبَنَوا هَلَكَ الكلُّ وَلَمْ تغنِ القللْ لو سألتَ الأرضَ عنهمْ أخبرت صرْتُ قفراً فاسْتَقِمْ وارْتَحِل البشرى الخامسة والعشرون:-[/size][/size] [size=25] [size=29]بشرى تنزل الملائكـــة وهذه البشرى فيها تفصيل من سابقتها فقد علمنا أن الإستقامة هى علامة المحبة والكرامة وقد يكرم الله أحبابه بسرِّ الاستقامة كما أخبر بقوله{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}وحتى لا يلتبس الأمر على البعض فى تنزل الملائكة فيظن أنه يمكنه أن يراهم عيانا بياناً من البداية على هيئتهم وأحوالهم وفى الحقيقة لا يقدر أحدٌ بمفرده على ذلك إذ لابد من التأهيل هل هذا واضح؟ولذا روت السيرة قصة العباس عم النبى عندما ذهب لزيارة النبى يوماً ومعه ابنه عبد الله بن عباس وهو صبى ويروى بن عباس أنه دخل مع أبيه علي النبى فجعل العباس يكلم النبى والنبى لا يلتفت له لأنه كان مشغولاً بالحديث مع رجل آخر فانصرف العباس وقال لإبنه عبدالله أن النبى أعرض عنه فقال له{يا أبت أما رأيت الرجل الذي كان عنده يكلمه؟ قال: لا قال أكان عنده أحد؟ قال: نعم فرجعا للنبى فقال العباس: يا رسول الله أكان عندك أحد؟ قال: ورأيته؟ قال: أخبرني عبد الله بذلك قال عبدالله: فأقبل عليَّ النبى وسألنى: أرأيته؟ قلت: نعم قال ذاك جبريل}وفى رواية زيادة{أما إنك ستفقد بصرك}[2] فكان كما قال وكفَّ بصره في آخر عمره إذاً هذا الموضوع يحتاج إلى تأهيل هل وعينا القصة فكيف التأهيل؟والآن أعيرونى فهمكم إن الله جعل معك على قلبك ملَك الإلهام على الدوام وهذا هو حبل الوصال بينك وبين الملائكة الكرام فيلهمك الصواب ويسدِّدك إلى الحق ويوجهك إلى الصدق فماذا تحتاج لأكثر من هذا؟فمن أحبَّه مولاه جعل مَلَك الإلهام يتولاه بإلهامه والْمَلَك يتلقَّى من الله والعبد يتلقى من المَلَك فهو يتلقَّى من الله عن طريقه ولا غرور ولا زهو ولا سمعة لأنه لم يرَ الْمَلَك فالْمَلك يسدِّده ويلهمه دون أن يراه وذلك حفظ الحفيظ لهؤلاء الذين يريد أن يحفظهم الله على الدوام لكن لو رأى أحدنا مثلاً المَلك جهاراً فربما لعبت به نفسه التى لم تطهر بعد من العيوب فتجعله كلما جلس مع قوم يريد أن يفتخر بما رآه فيكون فى ذلك بُعده وحرمانه من المزيد من فضل ربه فالمحفوظ هو الذى يتولى الله إلهامه عن طريق المَلك ولا يراه فإذا تمَّ تأهيله فحدث ولا حرج فبعدها يحدث له ما لا يُعدُّ من حالات القرب من الملائكة ومن أهل العناية والرعاية الذين يتنزلون بإذن ربهم عليهم لتثبيتهم إن كانوا فى حاجة لتثبيت أو لإلهامهم إن كانوا يحتاجون الإلهام أو لحفظهم إن كانوا فى شأن يحتاجون فيه إلى الحفظ المعنوى أو الحسِّى من إنس أو جان فى أى وقت أو مكانٍ كان أما من كان فى أحضان مولاه فيا هناه فمثله لا يحتاج إلى أى صنف من ملائكة الله لأنه مع من يقول للشئ كن فيكون واسمعوا واعقلوا يا أولى الألباب فهذا دخل فى بشرى أعلى من ذلك وأكبر ويتولاهم بولايته وليست الملائكة ولا جبريل ولا ميكائيل لكن هو بذاته الذى يتولى الصالحين ألم يقل{وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}وقال الرجل الصالح فى معرض تنزل الملائكة على أهل الإستقامة بالبشرى والكرامة: هذا موطن تنزل الملائك فيه ومقام يَسُرُّ هذا الفؤادا أيُّها الطاهر الزكيّ استقمت فنلت الإسعاف والإسعادا فعليك تنزلت أملاك ربى أمطروا الإلهام والإمدادا قد رفع قدركم للناس صرتم منهلاً ما استزيد إلاّ وزادا فآى القران جاءتنا تنبى بسلامٌ يبقى ويأبى النفادا فاتاكم الفضل من روح ربى وولاية الله لكم إرفادا البشرى السادسة والعشرون:-[/size][/size] [size=25] [size=29]بشرى المكاشفة الربانية أما تلك البشرى فهى من البشريات العليات فإن كنا قد طفنا معاً فى تنزل الملائكة وفى تولى ملائكة الإلهام للعبد على الدوام فهناك بشرى أرقى وأغلى اسمعوا لقول الله العلى الأعلى وهو يبشِّر أهل المقامات السامية بنفسه فيقول{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}فلكى نحظى بسر تلك البشرى نسأل هل الموت أولاً أم الحياة؟ لا تأتى الحياة إلا بعد الموت فلابد أن تموت لكى يُحبُّوك ثم بروحهم يُحْيُوك ثم عطائهم يمنحوك وبمننهم يُجمِّلوك وبتأييدهم يُقيموك وبتوفيقهم يتابعوك وعندها تكون عبداً مقاماً معاناً محفوظ بحفظ حضرة الرحمن ولديها يكشف عنك الغطاء{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}فالعطا كل العطا لمن كشفوا عنه الغطا وهو ميت يسير بين الأحياء وكم من مرة قال لهم النبى: من أراد أن ينظر لميت يسير بين الأحياء فلينظر إلى فلان وسمَّى أكثر من واحد وقال أحياناً من أراد أن ينظر إلى أحد ممن قضى نحبه فلينظر إلى فلان أما من يكشف عنهم الغطا بالموتة العزرائيلية فلا عطا ولا عطية لأن هذا الموت إنتهاء الرحلة الدنيوية لتبدأ الرحلة الأخروية والكل فيها يرى الحقيقة واضحة جليَّة فلا خصوصية ولا مزية إلا لمن مات الموتة الإختيارية وهو يمشى بين البرية فى الحياة الأرضية مكبَّلٌ بالقيود الجسمانية فهو إذاً أهل المكاشفة الربانية ونوال العطية والمزية فيكون له نوراً يمشى به فى الناس وليس بين الناس فاعقلوا يا أيها الخواص ولذا تسمعون عن الصالحين أنهم كُشف عنهم الحجاب ورُفعت أمامهم الستور فأصبحوا ينظرون بما فيهم من غيب إلى عوالم الغيب إلى ما لا يراه الناظرون ويتمتعون بعوالم الجمال القدسى المصون فيبصرون بعد أن كانوا عمياناَ ويسمعون ويكلمون الملأ الأعلى بعد أن كانوا صماً وطرشانا ولذا كان النبى كثيرا ما يمرُّ على أصحابهم فيشوقهم ويسألهم مستحثاً إياهم للمراقى العالية والغالية ويسألهم أسئلة عجيبة{هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُرِيدُ أَنْ يَؤُتِيَهُ اللَّهُ عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدَىً بِغَيْرِ هِدَايَةٍ هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَمَى وَيَجْعَلَهُ بَصِيراً}[3] فمن أين يأتى هذا كله؟ وكيف؟ إنها المكاشفات والإلهام والنور الذى ينبثق فى الصدور فيمشون به فى الناس ويعلمون ما شاء الله لهم من المستور ولكن اعلموا علم اليقين أن أعلى إكرام يبلغه العبد وأعلى مقام فى الكشف الربانى هو كشف معانى القرآن الكريم ومعانى بيان الرءوف الرحيم فربما قدر غير المسلمين على الوصول إلى بعض كشوف المخلوقات لكن لا يستطيع أحد أن يطلع على ذرة من معنى القرآن ولا أنوار غيوب أحاديث النبى العدنان فهذه مناطق لا يلجها إنس ولا جان إلا أهل{آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [1] رواه الإمام أحمد فى الزهد) عن وهب بن منبه [2] مسند الطيالسى عن عبدالله بن عباس [3] جامع الأحاديث والمراسيل عن الحسن [/size][/size][/size]
| |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في المعاملات السبت فبراير 18, 2012 5:53 pm | |
| البشرى الرابعة والعشرون:- بشرى الاستقـــامة أما بشرى الإستقامة فحدث ولا حرج على الفضل والكرامة فالإستقامة بشراها فوق كل حدٍّ أو علامة وأنا إن شاء الله سأدخل بكم على هذه البشرى من مدخل مختلف عما تعودتم عليه من تناول الشرَّاح للآية: فأسألكم يطوف بخيال أحدنا كثيراً فى مثل أيام الفضل من رمضان أو فى مواسم العفو أو أو قات الكرامة أو فى القيام أو أثناء التلاوة أين هو من أوامر الله أو تعاليم نبى الله؟ ما الدليل الذى يعلم به الإنسان أن الله اجتباه وحبَّاه ورقَّاه وأدناه؟ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}ماذا يقولون لهم؟{أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}فأول دليل أن يرزقه الله الاستقامة فى الأقوال والأعمال والأحوال وفى كل الأوقات وكل الآنات فهؤلاء الذين استقاموا وتنزلت لهم البشرى بالكرامة هم المؤهلون للمنح الذاتيَّة والنفحات الربانيَّة التى جهَّزها الله لأهل الخصوصيَّة فالإستقامة هى البشرى وهذا هو المدخل الذى أريد أن أدخلكم منه للآية وهى علامة للعطية والكرامة كالرؤيا الصادقة مثلاً وإذا لم يرزق العبد الرؤيا فيكفى أن يرى أن الله أعانه ورزقه الاستقامة وحفظ عليه أحواله وأقواله وجعله يمشى كما يقول الله{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى هو الصراط المستقيم لأن الاستقامة أعلى مقام وأعلى تكريم من الله للصالحين أبداً فالله لم يقل فاستمعوا له) بل قال {فَاتَّبِعُوهُ}فالنبى على منهج الاستقامة فهى المنهج العظيم الذى يؤهل لكرم الرءوف الرحيم وإكرامات الرب الكريم وقد يكرم أحدهم فيسمع تسبيح الكائنات{مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}وهناك من يفقهه فيعَلِّمه الله لغات الأشياء حتى لغة الجمادات ويسمع نطقها بألفاظ فصيحات وفى ذلك يقول أحد الصالحين : نغمات تسبيح الكيان مدامى يصغى لها قلبى يزيد هيامى قلبى لدى التسبيح يصغى واجداً وجد المؤله من فصيح كلامى فيسمع تسبيح الكائنات أو الحقائق أو الملائكة وقد يكرمه الله بإكرامات القلب فيكون هذا القلب له إطلالة علوية على الأحوال الربانية وقد يكرمه الله بالإلهام وقد يكرمه الله بالسكينة تتنزل عليه على الدوام وقد يكرمه الله بالطمأنينة لذكر الله وقد يكرمه الله فيفتح له كنوز الحكمة فى قلبه وقد يكرمه الله فيُفرغ له من أسراره التى لا يُطلع عليها إلا خواص عباده وقد يكرمه الله فيجعل فى قلبه وسعة حقيَّة كما روى فى الأثر عنه عز وجل{إِنَّ السَّمواتِ والأَرْضَ ضَعُفْنَ عَنْ أَنْ يَسَعْنَني وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي المُؤْمِنِ الوَادِعِ اللَّيِّنِ}[1] إذاً قلب العبد المؤمن أوسع من السموات والأراضين ومن فيهن بما فيه من ألطاف إلهية خفية وعلوم ربانية وأسرار ذاتية وقال ابن الوردى العباسى فى المقارنة بين أحوال الصادقين المستقيمين الأولياء وغيرهم من أهل الدعوى الأدعياء فقال: ذهبَ الصدقُ وإخلاصُ العملْ ما بقيْ إلا رياءٌ وكسلْ غرَّكَ التقصيرُ مِنْ ثوبي فإنْ قُصِّرَ الثوبُ فقدْ طالَ الأملْ إنْ تأملتَ فزيِّي منهمُ غيرَ أَنَّ القلبَ مغناهُ طللْ رفَعَ الكَلَّ عنِ الكُلِّ وقال ربى الله تحامى كُلَّ كَلّْ ذَلَّ للـهِ فعزَّتْ نفسُهُ كلُّ مَنْ عزَّ بغيرِ اللـهِ ذَلْ فَهْوَ إنْ يعلُ فباللـهِ علا وَهْوَ إنْ ينزلْ فبالحقِّ نَزَلْ كسرَ النفسَ فصمَّتْ واتقى زخرف الدنيا وخيلاً وخَوَلْ بَذَلَ الروحَ ولولا عزُّ ما رامَ ما هانَ عليه ما بذلْ عرفَ المربوبَ بالربِّ فلم يخشَ إلا ربَّه عزَّ وجلْ ليتني في جسم هذا شعرةٌ صَغُرت أو طعنةٌ فيما انتعلْ بل مرامي لحظةٌ أو لفظةٌ مِنْ وليِّ اللـهِ مِنْ قبلِ الأجلْ هؤلاءِ القومُ يا قومُ مَضَوا ما تبقى منهمُ إلا الأقلْ فإلى اللـهِ تعالى أشتكي ما بقلبي مِنْ فتورٍ وخبلْ لو تقنَّعتُ أتى رزقي على رغمِهِ لكنْ خُلقنا مِنْ عجلْ كم رياءٍ كم مراءٍ كم خطا كم عدوٍّ كم حسودٍ لا يملْ ليس يخلو المرءُ عن ضدٍّ ولو حاولَ العزلةَ في رأسِ جبلْ لا أرى الدنيا وإنْ طابتْ لمن ذاقَها إلا كسمٍّ في عَسَلْ أين كسرى وهِرَقْلٌ أين مَنْ ملك الأرضَ وولَّى وعزلْ أينَ مَنْ شادوا وسادوا وبَنَوا هَلَكَ الكلُّ وَلَمْ تغنِ القللْ لو سألتَ الأرضَ عنهمْ أخبرت صرْتُ قفراً فاسْتَقِمْ وارْتَحِل البشرى الخامسة والعشرون:- بشرى تنزل الملائكـــة وهذه البشرى فيها تفصيل من سابقتها فقد علمنا أن الإستقامة هى علامة المحبة والكرامة وقد يكرم الله أحبابه بسرِّ الاستقامة كما أخبر بقوله{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}وحتى لا يلتبس الأمر على البعض فى تنزل الملائكة فيظن أنه يمكنه أن يراهم عيانا بياناً من البداية على هيئتهم وأحوالهم وفى الحقيقة لا يقدر أحدٌ بمفرده على ذلك إذ لابد من التأهيل هل هذا واضح؟ولذا روت السيرة قصة العباس عم النبى عندما ذهب لزيارة النبى يوماً ومعه ابنه عبد الله بن عباس وهو صبى ويروى بن عباس أنه دخل مع أبيه علي النبى فجعل العباس يكلم النبى والنبى لا يلتفت له لأنه كان مشغولاً بالحديث مع رجل آخر فانصرف العباس وقال لإبنه عبدالله أن النبى أعرض عنه فقال له{يا أبت أما رأيت الرجل الذي كان عنده يكلمه؟ قال: لا قال أكان عنده أحد؟ قال: نعم فرجعا للنبى فقال العباس: يا رسول الله أكان عندك أحد؟ قال: ورأيته؟ قال: أخبرني عبد الله بذلك قال عبدالله: فأقبل عليَّ النبى وسألنى: أرأيته؟ قلت: نعم قال ذاك جبريل}وفى رواية زيادة{أما إنك ستفقد بصرك}[2] فكان كما قال وكفَّ بصره في آخر عمره إذاً هذا الموضوع يحتاج إلى تأهيل هل وعينا القصة فكيف التأهيل؟والآن أعيرونى فهمكم إن الله جعل معك على قلبك ملَك الإلهام على الدوام وهذا هو حبل الوصال بينك وبين الملائكة الكرام فيلهمك الصواب ويسدِّدك إلى الحق ويوجهك إلى الصدق فماذا تحتاج لأكثر من هذا؟فمن أحبَّه مولاه جعل مَلَك الإلهام يتولاه بإلهامه والْمَلَك يتلقَّى من الله والعبد يتلقى من المَلَك فهو يتلقَّى من الله عن طريقه ولا غرور ولا زهو ولا سمعة لأنه لم يرَ الْمَلَك فالْمَلك يسدِّده ويلهمه دون أن يراه وذلك حفظ الحفيظ لهؤلاء الذين يريد أن يحفظهم الله على الدوام لكن لو رأى أحدنا مثلاً المَلك جهاراً فربما لعبت به نفسه التى لم تطهر بعد من العيوب فتجعله كلما جلس مع قوم يريد أن يفتخر بما رآه فيكون فى ذلك بُعده وحرمانه من المزيد من فضل ربه فالمحفوظ هو الذى يتولى الله إلهامه عن طريق المَلك ولا يراه فإذا تمَّ تأهيله فحدث ولا حرج فبعدها يحدث له ما لا يُعدُّ من حالات القرب من الملائكة ومن أهل العناية والرعاية الذين يتنزلون بإذن ربهم عليهم لتثبيتهم إن كانوا فى حاجة لتثبيت أو لإلهامهم إن كانوا يحتاجون الإلهام أو لحفظهم إن كانوا فى شأن يحتاجون فيه إلى الحفظ المعنوى أو الحسِّى من إنس أو جان فى أى وقت أو مكانٍ كان أما من كان فى أحضان مولاه فيا هناه فمثله لا يحتاج إلى أى صنف من ملائكة الله لأنه مع من يقول للشئ كن فيكون واسمعوا واعقلوا يا أولى الألباب فهذا دخل فى بشرى أعلى من ذلك وأكبر ويتولاهم بولايته وليست الملائكة ولا جبريل ولا ميكائيل لكن هو بذاته الذى يتولى الصالحين ألم يقل{وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}وقال الرجل الصالح فى معرض تنزل الملائكة على أهل الإستقامة بالبشرى والكرامة: هذا موطن تنزل الملائك فيه ومقام يَسُرُّ هذا الفؤادا أيُّها الطاهر الزكيّ استقمت فنلت الإسعاف والإسعادا فعليك تنزلت أملاك ربى أمطروا الإلهام والإمدادا قد رفع قدركم للناس صرتم منهلاً ما استزيد إلاّ وزادا فآى القران جاءتنا تنبى بسلامٌ يبقى ويأبى النفادا فاتاكم الفضل من روح ربى وولاية الله لكم إرفادا البشرى السادسة والعشرون:- بشرى المكاشفة الربانية أما تلك البشرى فهى من البشريات العليات فإن كنا قد طفنا معاً فى تنزل الملائكة وفى تولى ملائكة الإلهام للعبد على الدوام فهناك بشرى أرقى وأغلى اسمعوا لقول الله العلى الأعلى وهو يبشِّر أهل المقامات السامية بنفسه فيقول{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}فلكى نحظى بسر تلك البشرى نسأل هل الموت أولاً أم الحياة؟ لا تأتى الحياة إلا بعد الموت فلابد أن تموت لكى يُحبُّوك ثم بروحهم يُحْيُوك ثم عطائهم يمنحوك وبمننهم يُجمِّلوك وبتأييدهم يُقيموك وبتوفيقهم يتابعوك وعندها تكون عبداً مقاماً معاناً محفوظ بحفظ حضرة الرحمن ولديها يكشف عنك الغطاء{فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}فالعطا كل العطا لمن كشفوا عنه الغطا وهو ميت يسير بين الأحياء وكم من مرة قال لهم النبى: من أراد أن ينظر لميت يسير بين الأحياء فلينظر إلى فلان وسمَّى أكثر من واحد وقال أحياناً من أراد أن ينظر إلى أحد ممن قضى نحبه فلينظر إلى فلان أما من يكشف عنهم الغطا بالموتة العزرائيلية فلا عطا ولا عطية لأن هذا الموت إنتهاء الرحلة الدنيوية لتبدأ الرحلة الأخروية والكل فيها يرى الحقيقة واضحة جليَّة فلا خصوصية ولا مزية إلا لمن مات الموتة الإختيارية وهو يمشى بين البرية فى الحياة الأرضية مكبَّلٌ بالقيود الجسمانية فهو إذاً أهل المكاشفة الربانية ونوال العطية والمزية فيكون له نوراً يمشى به فى الناس وليس بين الناس فاعقلوا يا أيها الخواص ولذا تسمعون عن الصالحين أنهم كُشف عنهم الحجاب ورُفعت أمامهم الستور فأصبحوا ينظرون بما فيهم من غيب إلى عوالم الغيب إلى ما لا يراه الناظرون ويتمتعون بعوالم الجمال القدسى المصون فيبصرون بعد أن كانوا عمياناَ ويسمعون ويكلمون الملأ الأعلى بعد أن كانوا صماً وطرشانا ولذا كان النبى كثيرا ما يمرُّ على أصحابهم فيشوقهم ويسألهم مستحثاً إياهم للمراقى العالية والغالية ويسألهم أسئلة عجيبة{هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُرِيدُ أَنْ يَؤُتِيَهُ اللَّهُ عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدَىً بِغَيْرِ هِدَايَةٍ هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَمَى وَيَجْعَلَهُ بَصِيراً}[3] فمن أين يأتى هذا كله؟ وكيف؟ إنها المكاشفات والإلهام والنور الذى ينبثق فى الصدور فيمشون به فى الناس ويعلمون ما شاء الله لهم من المستور ولكن اعلموا علم اليقين أن أعلى إكرام يبلغه العبد وأعلى مقام فى الكشف الربانى هو كشف معانى القرآن الكريم ومعانى بيان الرءوف الرحيم فربما قدر غير المسلمين على الوصول إلى بعض كشوف المخلوقات لكن لا يستطيع أحد أن يطلع على ذرة من معنى القرآن ولا أنوار غيوب أحاديث النبى العدنان فهذه مناطق لا يلجها إنس ولا جان إلا أهل{آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [1] رواه الإمام أحمد فى الزهد) عن وهب بن منبه [2] مسند الطيالسى عن عبدالله بن عباس [3] جامع الأحاديث والمراسيل عن الحسن
| |
|
| |
محمد مرسى
المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 24/12/2011
| موضوع: بشائر الفضل الإلهي في المعاملات الأحد فبراير 26, 2012 10:48 pm | |
| البشرى السابعة والعشرون بشرى الحياة الباقية فى الدنيا الفانية
وهذه البشرى الراقية بشرى الحياة الباقية فى الدنيا الفانية كيف؟ ألم يبشِّر الله تعالى أهل الإيمان وقال لهم فى محكم القرآن قوله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}فلا حياة إلا بعد الاستجابة لرسول الله ولذا قال أحد الصالحين : كنت ميتا أحيا مواتي بروح هي عين الحياة نور الوالي قمت حيَّا به سميعا بصيرا في خشوع ورهبة وجلال وهذه هى البشرى من يريد منكم الحياة؟فليستجب للرسول لكى يحييه الله أما قبل ذلك فمعيشة يستوى فيها كل خلق الله وحتى المخلوقات الدنيا بل هى معيشة أدنى ولذلك وصفها الله بالضنك فقال جل فى علاه فى كتابه{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}فالحياة لمن استجاب لله ورسوله ولم يعرض عن ذكر الله فحياة القلب أن يضئ بنور الله وتتحرك حواسه الباطنية فتتجول فى ملكوت الله وتعود بما غاب عنه من عجائب حكمة الله وأنوار الله وغيوب عطايا مولاه التى لا تدركها الحواس الحسية لكن تناولها يكون بالحواس الباطنية التى حيت بعد الاستجابة ففُتح لها باب الإجابة ثم بدأت ترِد عليها عطايا النبى والصحابة لذا ورد أن رسول الله نادى على رجل كان يتنفل فواصل الرجل ثم جاء إلى رسول الله بعد أن انتهى فقال له{ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟ قال: كُنْتُ أُصَلِّي قال: أَلَمْ يَقُلْ الله تَعَالَى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}} فإذاً إجابة الرسول بنص الكتاب فرضٌ يجبّ كل الفروض فكان أصحاب الرسول بعد ذلك لو سمعوا منادى رسول الله يتركون كل ما فى أيديهم ويلبونه فإن كان أحدهم نائماً نهض قائماً فوراً وإن كان صائماً ويمد يده ليفطر يتركه ويلبى ويروى أن أحدهم كان جنبا ليلة فقام يغتسل فغسل نصف رأسه ثم سمع منادى رسول الله ينادى للجهاد فترك غسله وخرج فى الحال حتى لا يبطئ على إجابة رسول الله خرج جنباً واستشهد فقال لأصحابه كاشفاً عن سرِّ هذه المقامات العالية لقد رأيت الملائكة تغسِّله فسألوا زوجته ما أمره؟ قالت: كان جُنُباً وقبل أن يتم غسله سمع منادى الجهاد فخرج للتوِّ ولذا أتمت الملائكة غسله بنفسها وهذا حال الصالحين إذا سمع النداء ترك كل ما فى يده وأقبل على الله لأن المقام على قدر الإقبال وقربك على قدر سرعة إجابتك البشرى الثامنة والعشرون بشرى رطَب لسانك بذكر الله أما هذه البشرى فأنا لا أسميها بشرى ذكر الله لأن هذا موضوع معلوم ولا يحتاج مزيد أيضاح ولكن أقول بشرى أن اجعل لسانك رطباً دائما بذكر الله وهى بشرى الفتح فى طريق الله لمن أراد الفتح القريب من الله العاطى المجيب البشرى التى أعطاها النبى للرجل الذى جاء يشكو له ويقول: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأنبئني منها بأمر أتشبَّث به فاتحفه وبشَّره بقوله الشريف{لاَ يَزالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ } فيعنى ببساطة وبكل سهولة ويسر إن دمت على ذكر الله ولم يجف لسانك منه فقد حزت شرائع الإسلام الكثيرة وهذه هدية ثمينة هينة ويسيرة ولكنها غالية وعظيمة ولم يعطها إلا لأهلها وهذا حال أهل الفتح مع الله لمن يريد الفتح كما قلنا روشتة بسيطة وضعها رسول الله فى أثناء النهار والليل وفى كل وقت وحال ليكن لسانك رطباً بذكر الله إلى أن يحيا القلب فإذا حيا فلا يحتاج إلى اللسان فذكر القلب أسرع وأكثر نورانية وشفافية فمعه البصيرة المضية والأنوار العلية والأحوال السنية فليس عنده وقت بكلمات لسان البريَّة ولا تسمعها الآذان الطينيَّة بل القلوب الزكيَّة فيجمعونك على أهل المعية الهنيَّة وكل هذا أتى من مداومة الذكر أفلا من متَّبع لتلك البشرى ومخلص نفسه ليصير من أهل الذكرى هل من متبع وأنا أنصح كل من يستمع فيتبع أنه لو طال عليك الأمد ولم يأتك فتح الله الصمد فاستمر ولا تقف أو تنقطع ولا تسيىء الظن بالله الأحد فإياك أن تجعل للظن السئ موضعاً فى قلبك، لأنه أكبر الحجب التى تمنع عنك عطاء ربك وإن إبليس اللعين ما حاول أن يلقى اليأس وسوء الظن فى طريقك إلا لأنه يوقن أنه يوشك أن يفتح لك فلا تلتفت واجعل ذكرك لحبِّ الله ومع الله وبالله واعلم أنه معك ما أحسنت الظن فيه أما نفسك فطبعها السوء أصلاً فلا توقفنك ولا ترجعك وثق بقول الحبيب برسالة أتى بها لنا من الله ليبشر كل مقبل عليه فلا تتلاعب به نفسه{إِنَّ اللّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي} وللأئمة ألاف القصائد والمواجيد العلية فى ذكر الله ومعانى الذكر وأسراره العلا فننتقى نذراً من بعضها : الجاهلون الغافلون عن الجمال شهدوا الحضيض فألبسوا ثوب النكال والون العاشقون لذي الجلال شهدوا الجميل بلا حجاب أو عقال ذكروا الإلـه بسرهم فتهيموا وتشوقوا حتى لـهم صح الوصال شغلوا بذكر حبيبهم بقلوبهم فأجابهم بشرى لكم نيل الوصال نادوه أنت مرادنا بل قصدنا وسؤلنا وحبيبنا في كل حال ورضاك مأمول لنا فعسى به نحظى برؤيا الوجه من بعد المآل فأجابهم حبي لكم هو سابق في محكم القران قد جاء المقال والحب منكم فيض فضل لاحق بشرى لكم فالعشق معراج الوصال قد أخبر القرآن بالحسنى التي سبقت لأهل القرب من أهل الكمال البشرى التاسعة والعشرون بشرى الإتعاظ والإعتبار بالخلق أما هذه البشرى ففيها سرٌّ عظيم من أسرار كتاب الله تعالى وسنة حبيبه وهى بشرى تفتح الباب لكل عبد أواب أو صاحب فهم فى الكتاب أو متعظ بأحوال الخلق ومافى صنعة الله من النتائج والأسباب وهنا سؤال كما تعودنا لماذا قصَّ الله علينا قصص السابقين وتناولها بأشكال عديدة وطرق مختلفة كذا حبيبه فى سنته ولماذا أمرنا بالتمعِّن فيما خلق وأبدع وصور كل هذا لأجل{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}ألم تسمعوا لقول كثير من شبابنا اليوم إذا ناقشته لماذا تفعل كذا وأنت متعلمٌ وتفهم أن هذا يضرُّك؟ يقول لك لأجربه لأتأكد من ذلك فتسأله ألا ترى من حولك وكيف أثبتت تجارب الآخرين خطر هذا الأمر فيهزَّ رأسه أو يشيح بيده كأن الأمر لا يهمه مع علمه بصحة الحجة فأين الخلل؟الخلل هو ما أتت هذه البشرى لتبينه الخلل أن أغلب الناس اليوم فقدوا حاسة أو ملكة " الإعتبار والإتعاظ" آهٍ ثم آهٍ لو استيقظت تلك الْمَلَكَة وأخذت حقها فى سلوكياتنا لوفرنا على أنفسنا الكثير والكثير من الوقت والتكاليف والضحايا والتأخير إلى أن نسلك الطريق القويم أو نتخذ القرار الحكيم مع أن العبر لا تعدُّ ولا تحصى فى السنة والكتاب وقصص الصحابة والأتباع والأحباب وفى كتاب الكون المفتوح والملىء بكل العبر والعظات ولذا قال القائل: عِبَرٌ كلـها الحياة ولكن أَين من يفتح الكتاب ويقرا ولذا فإن الله نصحنا ووجهنا إلى التذكر والإعتبار عند الحوادث والأخطار{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}قال سادتنا بالإتعاظ والعبرة أو بالفهم واسترجاع الذكرى فكل هذا يؤدى إلى التذكر والإعتبار وهى بشرى النجاة من الوقوع فى الخطر أو الإنجرار ببركة التذكر والإعتبار وبشرى الإستفادة من تجارب و قصص السابقين فى التاريخ والأمصار ولذلك فإن الصالحين لهم من تلك البشرى فائدة عظمى كيف؟ إن الواحد منهم لينظر إلى الخلق نظر عبرة وعظة واعتبار فإن رأى فيهم خلقاً قبيحاً معيباً يبحث فى نفسه عنه ويتهم نفسه به حتى يقتلع من نفسه جذور هذا العيب أو يتأكد أنه خلوٌ منه فيكون الناس بالنسبة له كسبورة تظهر فيها هذه العيوب فيعرفها ويحاول أن يزيلها من نفسه كما كان يفعل بسيدنا عيسى قيل له{ ياروح الله من أدبك؟ قال: ما أدبني أحد رأيت جهل الجاهل فتجنبته }{ وقِيلَ لِلأَحْنَفِ: مِمَّنْ تَعَلَّمْت الْحِلْمَ؟ قَالَ: مِنْ نَفْسِي, قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ: كُنْت إذَا كَرِهْت شَيْئًا مِنْ غَيْرِي لَمْ أَفْعَلْ بِأَحَدٍ مِثْلَهُ }وسئل حكيم{ ممن تعلّمت العقل؟ قال: ممن لا عقل له كنت أرى الجاهل يفعل الشيء فيضرّه فأتجنبه فصرت عاقلاً وحكيماً}هل رأينا جمال تلك البشرى واسمعوا واعوا لقول المتنبي الشاعر المعروف: ولم أر في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام وقال علي بن مقلة : وإذا رأيت فتى بأعلى قمة في شامخ من عزة المترفع قالت لي النفس الشغوف بشرفها ما كان أولاني بهذا الموضع رأى الحسن رضى الله عنه قوماً يتزاحمون على جنارة بعض الصالحين فقال حاثاً لهممهم: { ما لكم تتهافتون عليه افعلوا فعلـه تكونوا مثلـه }وقال أبو العميثل : يا من يؤمل أن تكون خصالـه كخصال أهل الفوز فأنصت واسمع فلأنصحنك في المروءة والذي حج الحجيج إليه فاقبل أو دع اصدق وعف وبر وانصر واحتمل واحلم وكف ودار واصبر واشجع ومن قول أبى العيناء الرجل الحكيم: إذا أعجبتك خِلالُ امرئ فكنهُ تكنْ مثلَ من يعجبك وليس على المجد والْمَكْرُمَات إذا جئتها حاجبٌ يحجبك وأختم بجميل الكلام : مناجاة روحي في اختفاء عناصري بما لاح من غيب ومن معقول تسليت لكن عن وجود تقيدي فررت إلى اللـه بحال ذليل رأيت مقامي بي هو السفل زلة ومنه اتصال فيه ثم مقيلي تناجيه روحي وهي في مقعد الصفا تحيط بها الأنوار حال حصولي وبالعالم الأعلى اقتدائي تنقلي وبالواحد الأعلى بيان دليلي سل اللـه يعطيك المثول وسلـه هو وخل محيط الكون في تشكيل [1] عن أبي سَعِيدِ بنِ المُعَلَّى، سنن أبي داوود وغيرها.. [2] رويناها أعلاه بمعناها وردت عن هشام بن عُروة عن أبيه، الوافي بالوفيات ومصادر أخرى كثيرة. [3] مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الله بن بسر [4] صحيح مسلم عن أبى هريرة [5] فيض القدير. | |
|
| |
| بشائر الفضل الإهي في العقيدة | |
|